حديث: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد فوازينا العدو
« وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل نجدٍ، فوازينا العدو فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى بنا فقامت طائفة معه صلى بطائفة معه، وذهبت طائفة وجاه العدو، وركع بمن معه، وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاءوا فركع بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم فقام كل واحد فركع لنفسه ركعة، وسجد سجدتين »(1) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
هذه صفة ثانية من صفة صلاة الخوف، وهي المنقولة في حديث ابن عمر.
« فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى بنا فقامت طائفة معه »(1) .
إذن الصفة الثانية، هي مقاربة للصفة المنقولة في حديث سهل بن أبي حثمة، من طريق صالح بن خوات، لكن فيها اختلاف يسير، فيها أنه صلى بطائفة معه كما حدث سهل.
« صلى بطائفة معه، وذهبت طائفة وجاه العدو، وركع بمن معه، وسجد سجدتين »(1) .
صلى بهم ركعة كاملة.
« ثم انصرفوا مكان الطائفة »(1) .
إذن هذه الصفة الثانية تختلف عن الصفة الأولى، أن الطائفة الأولى لما صلت معه ركعة لم تقض الركعة الثانية قبل الإمام، لا، بل ذهبوا إلى مصاف أصحابهم، وهم لا زالوا في صلاة، فإذن يبقون في صلاة، يبقون في صلاة، ويذهبون للحراسة.
« ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل »(1) .
كما في الصفة الأولى، فتذهب إلى مكان الطائفة التي لم تصل، ثم تجيء الطائفة التي لم تحرم معه، -مع الإمام-، ولم تصل معه، كما في هذا الخبر .
« فجاءوا فركع بهم ركعة »(1) .
يعني ركع بالطائفة التي كانت تحرس الركعة الأولى، ركع بهم الركعة الثانية.
« وسجد سجدتين »(1) .
كما في الصفة السابقة في حديث صالح بن خوات.
« ثم سلم »(1) .
إذن في هذه الصفة، كما أن الطائفة الأولى لم تكمل الركعة الثانية، بل بقيت، فهو في الطائفة الثانية صلى بهم ركعة، ثم سلم بهم -عليه الصلاة والسلام-.
إذن بقي على كل من الطائفتين ركعة، الطائفة الأولى صلت ركعة، ثم ذهبت، ثم جاءت الطائفة الثانية، وصلت معه الركعة الثانية، فسلم بهم. إذن بقي على كل من الطائفتين ركعة، ماذا يصنعون؟.
قال: « فقام كل واحد »(1) .
يعني بعد سلام الإمام.
« فركع لنفسه ركعة، وسجد سجدتين »(1) . متفق عليه، واللفظ للبخاري.
إذن في هذه الصفة كل.. بعد سلام الإمام كلهم يقوموا يقضي ركعة، لكن يظهر -والله أعلم- أنهم لا يقضون في حال واحدة، بل يجب أن يكون القضاء متواليا، ينوي قضاء إحدى الطائفتين، قضاء الفريضة، حتى ما يصيب العدو منهم غرة في حال صلاتهم، فتقضي إحدى الطائفتين ركعة، وطائفة تحرس، لكن أيهما تقضي ؟ .
ينظر حسب الأحوال للصلاة، والحذر من العدو، وإذا استوى الأمر، فالأولى والأحسن أن تكون الطائفة الثانية التي لم سلم الإمام بهم، هم يقومون ويقضون، يقضون الركعة هذه، والطائفة الأولى تبقى على حراستها.
هم يبقون على حراستهم؛ لأنه في الحقيقة أحوط للصلاة؛ لأنه إذا قضت الطائفة الثانية، فإن صلاتهم تكون متوالية، ولا يكون فيها عمل كثير، والطائفة الأولى تبقى على حالها، فلا تأتي وتحرس، ثم تقضي، فيكون فيه عمل كثير، فتقضي هذه الطائفة، ثم بعد ذلك تبقى في الحراسة، وتلك الطائفة تقضي الركعة الثانية.
هذا إذا كان الأمر متيسرا، وليس هنالك ما يدعو إلى أن يتعين القضاء على إحدى الطائفتين، من أجل أن الحراسة في حقها أولى، أو إلى غير ذلك. فأمر الحرب لا يدركه، ولا يعرفه حقيقة، إلا من وقع عليه، إلا من كابده ورأى القتال، من كابد القتال، وكابد أعداء الله، أدرك أنه يعرض في حال القتال والشدة، ما يعرض.
ربما عزبوا عن الصلاة، وربما حصل لهم شيء من الشدة، فينظرون ما هو الأحوط للصلاة، وما يكون فيه الحذر من العدو.
إذن هذه هي صفة ثانية من صفات صلاة الخوف، وقال بها طائفة من أهل العلم، وكلا الصفتين ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-.
(1) البخاري : الجمعة (942) , والنسائي : صلاة الخوف (1539) , والدارمي : الصلاة (1521). |