حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الخوف بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة
وعن حذيفة -رضي الله عنه-، هذه صفة خامسة، وهذه هي الصفات الخمس التي ذكرها المصنف -رحمه الله-، خمس صفات في صلاة الخوف وعن حذيفة -رضي الله عنه-: « أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الخوف بهؤلاء ركعة، وبهؤلاء ركعة، ولم يقضوا »(1) . رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وصححه ابن حبان .
ومثله عند ابن خزيمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
هذه صفة أخرى من صفات صلاة الخوف، وأنه يصلي بكل طائفة ركعة، وهذه الصفة قال بها جمع من أهل وجمهور العلماء، على عدم القول بمشروعية هذه الصفة، وأنه يجب أن تصلي الطائفة الثانية، أن تكمل، وأنه لا يصح أن تصلي صلاة الخوف ركعة، فلا يصلي مثلا الظهر يعني أن يصلي ركعة واحدة، الظهر، أو العصر، أو سائر الصلوات.
بل يجب أن تكمل إذا كانت تامة، أو إذا كانت مقصورة، فإنها تكمل؛ لأن القصر لا ينقص عن ركعتين، والصواب ما دل عليه هذا الخبر، ثم هذه الرواية صريحة، وهي رواية الصحيحة من حديث حذيفة، ولها شواهد من حديث ابن عباس، وأبي هريرة عند النسائي، ولها شواهد أيضا من حديث زيد بن ثابت، ولها شواهد أخرى في هذا الباب.
وكذلك في صحيح مسلم من حديث ابن عباس « صلاة الخوف ركعة »(2) . ففي هذه الصفة أنه يصلي بكل طائفة ركعة، على أي صفة من الصفات التي سبقت، فيصلي بهم ركعة واحدة، سواء مثلا صلى صلاة مستقلة بكل طائفة، أو أحرموا جميعا معه، وصلى بهم ركعة، ثم ذهبوا إلى أماكنهم، كما في حديث سهل بن أبي حَثمَةَ، وحديث ابن عمر.
إذ صلى بهم، صلى بإحدى الطائفتين ركعة، والطائفة مثلا إذا كان العدو..والطائفة الثانية في جهة العدو، فإذا فرغ، وقام قائما، ذهبوا إلى أماكنهم يصلون ركعة.
وعلى هذا يجلسون للتشهد ويسلمون، أو يذهبون إلى أماكنهم، فيسلمون في ذلك الوقت، ويكتفون بركعة واحدة، ثم تأتي الطائفة الثانية، وهو في الركعة الثانية، فيصلي بهم، فتكون للإمام ركعتان، ولهم ركعة واحدة. وهذه الرواية صريحة في أنهم لم يقضوا، ردا على من قال: إنه كما قال جمع من أهل العلم: إن المراد ركعة، بمعنى أنهم صلوا ركعة مع الإمام، وقضوا الثانية، وهذه الرواية صريحة في أنهم لم يقضوا.
ومثله عند ابن خزيمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ورواه النسائي أيضا عن ابن عباس، وأصح من هذه الأخبار أيضا حديث ابن عباس، والمصنف -رحمه الله- لم يذكره، ولو ذكره لكان مناسبا؛ لأنه في صحيح مسلم أنه قال: « صلاة الحضر أربعا، وصلاة السفر ركعتينِ، وصلاة الخوف ركعةً، قال على لسان نبيكم -صلى الله عليه وسلم- »(3) .
ففيه أن صلاة الخوف ركعة، وهو من أصح الأخبار في هذا الباب، وهو صريح فيما دل عليه، من أنه لا يزاد على الركعة.
(1) النسائي : صلاة الخوف (1530) , وأبو داود : الصلاة (1246) , وأحمد (5/406). (2) مسلم : صلاة المسافرين وقصرها (687) , والنسائي : تقصير الصلاة في السفر (1441) , وأبو داود : الصلاة (1247). (3) مسلم : صلاة المسافرين وقصرها (687) , والنسائي : تقصير الصلاة في السفر (1442) , وأبو داود : الصلاة (1247) , وابن ماجه : إقامة الصلاة والسنة فيها (1068). |