حديث: أن ركبا جاءوا فشهدوا أنهم رأوا الهلال
وعن أبي عمير بن أنس بن مالك -رحمه الله ورضي عنه-، عن عمومة له من الصحابة. « أن ركبا جاءوا فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفطروا، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم »(1) رواه أحمد، وأبو داود، وهذا لفظه، وإسناده صحيح هذا إسناده صحيح.
فالحديث ليس برواية أنس، الحديث من رواية أبي عمير، ليس من رواية أنس بن مالك، من رواية أبي عمير بن أنس، عن عمومة له.
وعمومته هؤلاء من الصحابة، وعلى هذا يكون مرفوعا، وجهالة الصحابي لا تضر عند أهل العلم، وحكي الاتفاق على ذلك.
« أن ركبا جاءوا »(1) .
الركب: جمع راكب، مثل تجر: جمع تاجر، وصحب: جمع صاحب. "ركبا جاءوا" يعني من خارج المدينة.
« فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفطروا، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم »(2) . رواه أحمد، وأبو داود، وهذا لفظه، وإسناده صحيح هذا إسناده صحيح.
وأبو عمير جيد لا بأس به، وثقه جمع من أهل العلم، وإن كان ابن عبد البر جهله، ولم يعرف حاله، لكن العبرة على من وثقه، وهذا فيه دلالة أنهم إذا أصبحوا صائمين، ثم بعد ذلك زالت الشمس، أو كان من آخر النهار، ولم يتمكنوا، وجاءهم الخبر، أن الهلال ثبت، أن شهر شوال ثبت دخوله.
فقد فات وقت الصلاة؛ لأنه ينتهي وقت صلاة العيد بزوال الشمس، من ارتفاع الشمس، إلى زوالها، فعلى هذا يصلون من الغد، كما فعل -عليه الصلاة والسلام-، « أمرهم أن يفطروا، وأن يصبحوا، وأن يصلوا من الغد »(3) .
وعلى هذا تكون صلاة العيد من الغد، هذا هو الواجب، وهو قول جماهير أهل العلم، وأن صلاة العيد لا تفوت بفوات اليوم الأول، إذا ثبت الشهر من آخر النهار؛ لأن هذا هو قدر استطاعتهم، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول « إذا أمرتكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم »(4) .
وصلاة العيد مشروعة، بل قال جمع من أهل العلم بوجوبها، كما هو قول الأحناف، واختيار الشيخ تقي الدين -رحمه الله-، وأنها واجبة على الأعيان، فعلى هذا إذا فات هذا اليوم، يصلون من الغد.
(1) النسائي : صلاة العيدين (1557) , وأبو داود : الصلاة (1157) , وابن ماجه : الصيام (1653) , وأحمد (5/58). (2) النسائي : صلاة العيدين (1557) , وأبو داود : الصلاة (1157) , وابن ماجه : الصيام (1653) , وأحمد (5/58). (3) النسائي : صلاة العيدين (1557) , وأبو داود : الصلاة (1157) , وابن ماجه : الصيام (1653). (4) البخاري : الاعتصام بالكتاب والسنة (7288) , ومسلم : الحج (1337) , والنسائي : مناسك الحج (2619) , وابن ماجه : المقدمة (2) , وأحمد (2/508). |