باب صلاة الكسوف
حديث انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم
الحمد لله رب العالمين، والسلام على نبينا محمد، وعلى أصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد..
يقول الإمام الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-:
باب صلاة الكسوف .
عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: « انكسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا الله، وصلوا حتى تنكشف »(1) متفق عليه، وفي رواية للبخاري: « حتى تنجلي »(2) .
وللبخاري من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- « فصلوا، وادعوا حتى يُكشفَ ما بكم »(3) .
الكسوف: هو التغير في لون الشمس، أو ذهاب شيء من لونها، أو ذهابه بالكلية، وهو والخسوف مترادفان. وقيل: إن الكسوف يكون للشمس، والخسوف للقمر، وجاء في الأحاديث بنسبة الكسوف، أو الخسوف إلى الشمس: « وخسفت الشمس »(4) .
جاء في عدة أخبار في الصحيحين قال: « خسفت الشمس في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- »(5) فهو يطلق على كسوف القمر خسوف القمر، يطلق عليه هذان الوصفان، وعلى الشمس، والقمر.
لكن المشهور عند الفقهاء أن الخسوف يكون أمسَّ بالقمر، والكسوف بالشمس؛ لقوله تعالى: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾(6) قال: ﴿ وَخَسَفَ الْقَمَرُ ﴾(7) هذا، والمعنى في هذا قريب، فيما يتعلق في معناه في اللغة.
عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: « انكسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا الله، وصلوا حتى تنكشف »(1) متفق عليه، وفي رواية للبخاري: « حتى تنجلي »(2) .
والشمس كسفت في عهده -عليه الصلاة والسلام- يوم مات إبراهيم، والمشهور أنها في العام العاشر في آخر حياته -عليه الصلاة والسلام-، فلما انكسفت قالوا، أوقال بعض الناس: إنها تكون لولادة عظيم، أو لموت عظيم، أو لحياة عظيم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: « إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته »(8) فهما خلقان من خلق الله -عز وجل- يدبرهما كيف يشاء، ويصرفهما كيف يشاء -سبحانه وتعالى-.
أما ما يقع في الأرض، من موت أحد، أو حياته، فإنه لا أثر له في انكساف الشمس، أو انخساف القمر، والمشروع هو الصلاة، والدعاء، والذكر، والصدقة، والعتاقة، عند وجود هذه الآيات، والتغيرات الكونية باب اللجوء إلى الله -عز وجل- حتى يزال ما بهما من التغير.
وللبخاري من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- « فصلوا، وادعوا حتى يُكشفَ ما بكم »(3) .
أمر بالصلاة، وصلاة الكسوف مشروعة ومتأكدة، حتى قال بعض أهل العلم بوجوبها؛ للأمر بالصلاة عند وجود سببها، وهو الكسوف، أو الخسوف، كسوف الشمس والقمر في قوله: "فصلوا".
وكذلك الفزع إلى المساجد، والأمر بذلك كله، مما يدل على أنها مأمور بها، وأنه يلزم؛ ولهذا قال جمع من أهل العلم بوجوب صلاة الكسوف، استجابة لأمره -صلى الله عليه وسلم-؛ ولأجل المبادرة إلى إزالة السبب الذي ينشأ عن غضبه سبحانه وتعالى، يكون تغير في الكون، فيلجأ إلى الصلاة، والذكر، والصدقة.
(1) البخاري : الجمعة (1061) , ومسلم : الكسوف (915) , وأحمد (4/245). (2) مسلم : الكسوف (904) , والنسائي : الكسوف (1478) , وأبو داود : الصلاة (1178) , وأحمد (3/317). (3) البخاري : الجمعة (1040) , والنسائي : الكسوف (1491) , وأحمد (5/37). (4) (5) البخاري : الأذان (748) , ومسلم : الكسوف (907) , والنسائي : الكسوف (1493) , وأحمد (1/298) , ومالك : النداء للصلاة (445). (6) سورة القمر: 1 (7) سورة القيامة: 8 (8) البخاري : الجمعة (1048) , والنسائي : الكسوف (1502) , وأحمد (5/37). |