حديث: انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: « انخسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام قياما طويلا نحوا من قراءة سورة البقرة، ثم ركع ركوعا طويلا، ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا، وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم قام قياما طويلا دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم انصرف، وقد انجلت الشمس، فخطب الناس »(1) .
قال: واللفظ للبخاري. وفي رواية لمسلم: صلى حين كسفت الشمس ثماني ركعاتٍ في أربع سجدات .
وفي هذا جعل الانخساف للشمس كما سبق، وأنه يقال: انخسفت الشمس وانكسفت الشمس.
« على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام قياما طويلا »(2) .
وهذا هو السنة، أنه يقوم قياما طويلا، كما جاء في رواية: « نحوا من قراءة سورة البقرة »(3)
أو « نحوا من سورة البقرة »(4) .
وأنه كان يقوم قياما طويلا؛ لأن المقام يقتضي ذلك؛ لأنها صلاة رهبة، وخوف، وخشية من عذاب الله، وعقابه.
« ثم ركع ركوعا طويلا »(1) .
هذا هو السنة، وهذا هو المعتاد في صلاته، والمعروف من هديه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان إذا أطال القيام، أطال الركوع، وأطال السجود، وكانت صلاته متقاربة في صلاة الفريضة، هكذا كان يفعل.
بل وفي صلاة النافلة، كان إذا أطال القيام، أطال الركوع، ويطيل السجود، ويكون ما يلي القيام، أقل من القيام، وما يلي الركوع، أقل من الركوع، وهكذا.
« ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع »(1) .
يعني: من الركوع الأول، .
« فقام قياما طويلا »(1) وهو دون القيام الأول .
يعني القيام الذي للقراءة.
وهذا القيام بعد الرفع من الركوع، .
« ثم ركع ركوعا طويلا »(1) .
هذا هو الركوع الثاني .
وهو دون الركوع الأول .
فهو أقل من الركوع الأول، وعلى هذا يكون أولى؛ لأنه أقل من القيام الأول.
« ثم سجد »(1).
لم يذكر في هذا القيام، وقد جاء ذكره في الأخبار الأخرى، وهو معلوم، وجاء في حديث « أنه لما رفع من الركوع أطال القيام -عليه الصلاة والسلام- »(5) .
فعلى هذا يشرع إطالة القيام بعد الركوع الثاني، وهذا هو الصواب، وإن كان خلاف قول جماهير أهل العلم. والصواب ما دل عليه حديث جابر، وجاء في معناه أيضا ما يدل عليه: أنه يطيل القيام بعد الركوع الثاني.
وهذه هي القاعدة في الصلاة، أنها تكون متقاربة، .
« ثم سجد، ثم قام قياما طويلا »(1) .
ثم سجد السجدتين، يعني: سجد السجدتين.
لما سجدهما سجد -عليه الصلاة والسلام- وأطال، ثم رفع وأطال أيضا، كما في حديث عبد الله بن عمرو، وفي حديث جابر أيضا في صحيح مسلم: « أنه بعد الرفع من السجود أطال »(6) والسجود لا يتكرر، السجود سجدتان.
« ثم قام قياما طويلا »(1) قام إلى الركعة الثانية،. « قام قياما طويلا، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا، وهو دون الركوع الأول . ثم رفع، فقام قياما طويلا، وهو دون القيام الأول »(1) .
« ثم ركع »(1) يعني: ركع ركوعا طويلا، « وهو دون الركوع الأول، ثم رفع رأسه »(7) يعني: من الركوع الثاني، من الركعة الثانية.
« ثم سجد »(1) ولم يذكر إطالة القيام، والصواب أيضا أنه يكون طويلا لكنه دون الركوع الذي قبله، ودون القيام الأول، من الركعة الثانية.
« ثم سجد »(1) .
يعني: سجدتين، « ثم انصرف »(1) يعني: من صلاته، « وقد انجلت الشمس »(1) وعلى هذا تكون صلاة طويلة.
وجاء عند أبي داود: « أن الركعة الثانية كانت بنحو من سورة "آل عمران" »(6) فهذا القيام الطويل مع الركوع، وتكرار الركوع، ثم الركعة الثانية، لا شك أنه وقت طويل.
« ثم انصرف »(1) .
-عليه الصلاة والسلام- .
« وقد انجلت الشمس »(1) .
يعني ذهب الكسوف منها، وذهب التغير منها.
« فخطب الناس »(1) .
وهذا هو السنة، أن يخطب الناس بعد صلاة الكسوف، والخطبة في صلاة الكسوف تكون بعد الصلاة، وهذا هو المشروع، أنها تكون بعد الصلاة.
بل لا يشرع في شيء غير الصلاة؛ لأنه عندما تنكسف الشمس، أو ينخسف القمر، الواجب المبادرة إلى الصلاة؛ لأنها أهم ما يكون في البداءة به حينما يحصل الكسوف.
بعد ذلك يخطب الناس بما يقتضيه المقام، ويذكرهم، كما فعل -عليه الصلاة والسلام-.
قال: واللفظ للبخاري. وفي رواية لمسلم: صلى حين كسفت الشمس ثماني ركعاتٍ في أربع سجدات .
فيعني هذا من حديث ابن عباس وهو أنه « صلى ثماني ركعات، في أربع سجدات »(8) يعني في الركعتين، في الركعة الأولى أربع ركعات، وفي الركعة الثانية أربع ركعات، فيكون ثماني ركعات في ركعتين.
وسبق أن الصواب أنه لا يزاد على الركعتين، وهذا هو المحفوظ عن ابن عباس، وهو المحفوظ في الأخبار الصحيحة كما سبق.
(1) البخاري : الجمعة (1052) , ومسلم : الكسوف (907) , والنسائي : الكسوف (1493) , وأحمد (1/298) , ومالك : النداء للصلاة (445). (2) البخاري : الجمعة (1052) , ومسلم : الكسوف (907) , والنسائي : الكسوف (1493) , وأحمد (1/298) , ومالك : النداء للصلاة (445). (3) (4) البخاري : النكاح (5197) , والنسائي : الكسوف (1493) , وأحمد (1/298) , ومالك : النداء للصلاة (445). (5) البخاري : الأذان (745) , والنسائي : الكسوف (1498) , وابن ماجه : إقامة الصلاة والسنة فيها (1265). (6) (7) البخاري : الجمعة (1056) , ومسلم : الكسوف (901) , والنسائي : الكسوف (1497) , وأحمد (6/164) , ومالك : النداء للصلاة (446) , والدارمي : الصلاة (1527). (8) النسائي : الكسوف (1467) , وأحمد (1/225). |