حديث: أنه صلى في زلزلةٍ ست ركعات وأربع سجدات
وعنه -رضي الله عنه-، يعني: عن ابن عباس « أنه صلى في زلزلةٍ ست ركعات، وأربع سجدات، وقال: هكذا صلاة الآيات »(1) رواه البيهقي.
وذكر الشافعي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، مثله دون آخره.
وهذا الأثر أيضا رواه ابن أبي عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وهو ثابت عن ابن عباس.
وذكر الشافعي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، مثله دون آخره.
دون يعني قوله:« هكذا صلاة الآيات »(1) يعني، وهذا الخبر عن علي -رضي الله عنه- لا يثبت، إنما الثابت عن ابن عباس، وهو أنه كان صلى في زلزلة في البصرة ست ركعات.
وقال: « هكذا صلاة الآيات »(1) بمعنى أنه يشمل جميع الآيات، التي تحصل أنه يُصلى لها.
واختلف العلماء في الصلاة لهذه الآيات، فيما سوى صلاة الكسوف، فالمذهب المعروف عند المتأخرين من أصحاب أحمد -رحمه الله- أنه يصلي للزلزلة خاصة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وقال: إنه يُصلى لكل آية قال، وهو قول المحققين من أصحابنا، ينقله -رحمه الله-.
والقول الثاني: أنه يصلى للزلزلة، ولغيرها من الآيات، كما في هذا الخبر، وهو قول أبي حنيفة.
القول الثالث: أنه لا يصلى لا للزلزلة، ولا لغيرها، إلا ما ثبت الخبر فيه، مرفوعا عنه -عليه الصلاة والسلام-، وهو في الكسوف والخسوف.
وهذا أقرب؛ لأنه لم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يفعل شيئا من ذلك، وأنه كان يصلي، وقد كانت الرياح الشديدة تحدث في وقته.
وجاء في حديث عائشة، وأبي هريرة هذا المعنى، وربما هبت الريح الشديدة، ولم ينقل أنه صلى، وفعل شيئا من ذلك.
وروي عن أنس بإسناد ضعيف عند أبي داود أنه قال: « إن كانت الريح الشديدة لتثور، فكنا نبادر إلى المساجد مخافة القيامة »(2) .
ومما يدل على أنها لا تصلى عند الزلزلة، إنما يكون عند الزلزلة الذكر والدعاء والإخبات، أنه صح عن عمر -رضي الله عنه- كما رواه ابن أبي شيبة، وعند غيره، وثبت عن عمر -رضي الله عنه- بأسانيد صحيحة، من حديث صفية بنت أبي عبيد أنها قالت: زلزلت الأرض في عهد عمر -رضي الله عنه-، حتى اصطفت السرر، يعني: الأسرَّة، وتحركت.
فقال -رضي الله عنه-: "إن الله يستعتبكم، فأعتبوه، وقال: غيرتم -يخاطب الناس- والله إن عادت إلى ذلك، خرجت عنكم" أو كما قال -رضي الله عنه-.
ولم ينقل أنه فعل، وصلى، ولا شك أنه أولى بالصواب -رضي الله عنه-، وهو الملم؛ فلهذا ما نقل عنه أولى ممن جاء عن ابن عباس، خاصة أنه لم يأتِ في السنة شيء من هذا، بل ربما أيدت أنه لا تُصلى لمثل هذا.
والسنة كما فعل عمر -رضي الله عنه-، أنه ذكر الناس، فهذا هو المشروع، إذا حصل مثل هذه الآيات التذكير، أن يذكر الناس في المساجد، وأن يذكر الناس في المجتمعات، إذا حصل مثل هذه الزلازل، كما يقع، يذكرون.
وعمر -رضي الله عنه- ذكر الناس، وبين لهم هذا الأمر، حينما استنكر أمرها وزلزلتها -رضي الله عنه-.
(1) (2) أبو داود : الصلاة (1196). |