حديث: اغسلوه بماء وسِدْر وكفنوه في ثوبيه
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الذي سقط عن راحلته، فمات: « اغسلوه بماء وسِدْر، وكفنوه في ثوبيه »(1) متفق عليه.
وهذا في الصحيحين، من حديث ابن عباس: « أن رجلا كان على راحلته، فسقط، فدقت عنقه مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم عرفة، فمات؛ فقال -عليه الصلاة والسلام-: اغسلوه بماء وسِدْر »(2) .
فهذا يدل على: مشروعية غسل الميت، وهو واجب، وحكى بعضهم الإجماع على ذلك: يجب غسل الميت بالماء الصافي، ويضاف إليه السِّدْر، ولا بأس أن يضاف إليه السِّدْر؛ لأن السِّدْر يصلب البدن، ويُطَيِّبُ الرائحة، ويمنع الهوام؛ ففيه منافع عظيمة -السِّدْر-.
ويدل على: أن الماء إذا تغير بالسِّدْر، ونحوه، لا يؤثر، وهو ماء طهور رافع للحدث: « اغسلوه بماء وسِدْر، وكفنوه في ثوبيه »(1)
ويدل على: أن الكفن يُجْزِئ -وإن كان في ثوبين-، ولا يلزم أن يكون في ثلاثة؛ فالواجب في حق الميت الستر، أن يستر بدنه، شيء يستر بدنه، ولو كان ثوبا واحدا.
أما المُحْرِم: فيكفن في ثوبين -الإزار والرداء-، وفي هذا دليل على أنه: من مات، وهو مُحْرِم، فإنه يبقى على إحرامه، ولا يبطل إحرامه، خلافا لأبي حنيفة، ومالك.
فالصواب: أن إحرامه باقٍ صحيح؛ ولهذا قال: « فإنه يُبْعَث يوم القيامة ملبيا »(3) وهذا واضح في الحديث الآخر الذي سبق عن جابر: « من مات على شيء بُعِث عليه »(4) ؛ لأنه مات، وهو ملبٍ؛ يُبْعَث وهو ملبٍ.
هذا يبين أن هذه حال حسنة - لمن مات وهو على حال حسنة-: في حال إحرام، أو في حال عبادة: من صوم، أو صلاة، أو جهاد، أو غير ذلك، فهي حال حسنة؛ يرجى لصاحبها الخير.
وفي اللفظ الآخر قال: « كفنوه في ثوبيه، ولا تُخَمِّروا رأسه »(5) عند مسلم: « ولا تًخَمِّروا رأسه، ووجهه »(6) ؛ فلا يجوز التخمير على الصحيح.
ولا يجوز تخمير رأس الميت؛ لأنه مُحْرِم، إذا مات وهو مُحْرِم، كما أنه في حال الحياة لا يُخَمَّر رأسه، فكذلك بعد ذلك.
ووجهه -أيضا- لا يُخَمَّر؛ وهذا يدل -أيضا- على أن المُحْرِم لا يغطى وجهه، فإذا كان الميت لا يغطى وجهه إذا مات وهو مُحْرِم، فالحي أيضا في حكمه.
(1) البخاري : الحج (1849) , ومسلم : الحج (1206) , والترمذي : الحج (951) , والنسائي : مناسك الحج (2855) , وأبو داود : الجنائز (3238) , وابن ماجه : المناسك (3084) , وأحمد (1/328) , والدارمي : المناسك (1852). (2) البخاري : الجنائز (1268) , ومسلم : الحج (1206) , والترمذي : الحج (951) , والنسائي : مناسك الحج (2855) , وأبو داود : الجنائز (3238) , وابن ماجه : المناسك (3084) , وأحمد (1/328) , والدارمي : المناسك (1852). (3) البخاري : الجنائز (1265) , ومسلم : الحج (1206) , والترمذي : الحج (951) , والنسائي : مناسك الحج (2854) , وأبو داود : الجنائز (3238) , وابن ماجه : المناسك (3084) , وأحمد (1/215) , والدارمي : المناسك (1852). (4) (5) البخاري : الجنائز (1266) , ومسلم : الحج (1206) , والترمذي : الحج (951) , والنسائي : مناسك الحج (2855) , وأبو داود : الجنائز (3238) , وابن ماجه : المناسك (3084) , وأحمد (1/215) , والدارمي : المناسك (1852). (6) البخاري : الجنائز (1265) , ومسلم : الحج (1206) , والترمذي : الحج (951) , والنسائي : مناسك الحج (2855) , وأبو داود : الجنائز (3238) , وابن ماجه : المناسك (3084) , وأحمد (1/220) , والدارمي : المناسك (1852). |