حديث: صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة فقرأ فاتحة الكتاب
وعن طلحة بن عبد الله بن عوف -رضي الله عنه, ورحمه, وهذا تابعي, ليس صحابيا- قال: « صليت خلف ابن عباس -رضي الله عنهما- على جنازة, فقرأ فاتحة الكتاب, فقال لتعلموا أنها سٌنَّة »(1) رواه البخاري.
وهذا خبر -والبخاري كما ذكر المصنف رحمه الله-: فيه دلالة على مشروعية القراءة في صلاة الجنازة, وفيه دلالة على أنه يشرع الجهر أحيانا -في غير موضع الجهر-؛ لأجل التعليم.
كما ذكر ابن عباس في الفاتحة, وكما جاء أن بعض الصحابة جهر كما جهر -عليه الصلاة والسلام- بالبسملة في حديث أبي هريرة, وكما جاء عن بعض الصحابة أنهم جهروا.
يعني عن عمر -رضي الله عنه-: "أنه جهر بالاستفتاح ", وجاء عن بعضهم بأنواع من الذكر؛ لأجل البيان والإيضاح لهذا الأمر؛ حتى يعلم أنه سُنَّة؛ لأنه إذا أسر-وفي الناس من لا يعلم هذه السنة- لا يدري ما هي؟ فإذا جهر بها؛ أدرك أن هذا ذكر مشروع, أن هذا الذكر مشروع.
لكنه بين -رحمه الله- كما في هذا الخبر -ابن عباس رضي الله عنه-؛ ليعلموا أنها سنة, وأن الجهر بها ليس مشروعا على الإطلاق؛ بل لأجل البيان, وهكذا...
وهذا جارٍ في أحوال أخرى: يشرع للمكلف, والمقتدَى به, أن يبين أحيانا بعض السنن التي يشرع إخفاؤها -مثلا-, أو يجهر بما لا يشرع الجهر به, أو ليس سنة؛ لأجل البيان.
كما أنه يشرع إظهار بعض السنن التي يشهر بها أفضل لأجل بيان, مثل: لو -جهر مثلا- أظهر سنة الضحى, أو أظهر بعض السنن التي أمام الناس؛ لأجل بيان أنها سنة, وما أشبه ذلك, مما نقل في السنة.
(1) البخاري : الجنائز (1335) , والترمذي : الجنائز (1027) , والنسائي : الجنائز (1988) , وأبو داود : الجنائز (3198). |