حديث: إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « إذا رأيتم الجنازة؛ فقوموا, فمن تبعها؛ فلا يجلس حتى توضع »(1) متفق عليه.
وهذا الخبر ثبت معناه عن عدة من الصحابة -رضي الله عنهم-: « أنه -عليه الصلاة والسلام- أمر بالقيام عند رؤية الجنازة »(2) إذا مر على الجنازة؛ أنه يقوم لها, وهذا فيمن لم يكن مشيعا لها؛ فإنه يقوم لها.
ثم اختلف العلماء: هل يلزمه القيام حتى تغيب عنه, ويغيب عنها, أو لا بأس من الجلوس؟ وهل القيام منسوخ, أو ليس منسوخا, على أقوال ؟ .
وجاء في حديث عَلِيٍّ -رضي الله عنه-: « أنه -عليه الصلاة والسلام- قام للجنازة, ثم قعد بَعْدُ »(3) كما رواه مسلم عن عَلِيٍّ.
وجاء عند أحمد, قال: « ثم قام للجنازة, ثم أمرنا بالجلوس, أو قال: فقعد ثم أمرنا بالجلوس »(4) وهذا يدل على أن فيه دلالة على النسخ كما قال جمع من أهل العلم, فقال: "أمرنا ", وإسناده لا بأس؛ فدل على النسخ.
جاء في حديث ابن عباس: « أنه مُرَّ بجنازة على ابن عمر وعلى الحسن؛ فقام الحسن, ولم يقم عبد الله بن عباس, فقال له الحسن: ألم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا رأيتم جنازة؛ فقوموا, قال: بلى, ولكن قال: إنه جلس بَعْدُ »(5) كما في حديث عَلِيٍّ: "أنه جلس بَعْدُ ".
فهذا -عن ابن عباس- ظاهر كلام ابن عباس: أنه فهم النسخ, كما في حديث عَلِيٍّ -رضي الله عنه-, فهو عن هذين الصحابيين, ثم أقره الحسن وابن عمر حاضر.
ثم هذان الصحابيان بقولهما, وذلك بإقرارهما؛ يدل على النسخ, وأنه إذا رأى هذا؛ يقوم لها, إذا كان غير مشيع, إذا كان غير مشيع.
وقيل: -وجنح إليه النووي رحمه الله- نجمع بين الخبرين بأن الأمر بالقيام على الاستحباب, والنهي يدل على: أنه يصرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب؛ قاعدة قالوا: "يصرف الأمر من الوجوب للاستحباب ", وهذه مال إليها جمع من أهل العلم كالنووي و جماعة, فقالوا: "إنه على الاستحباب ".
وهذا -كما سبق- فيمن لم يكن معها إذا مرت به وهو جالس, أما من كان مشيعا لها -تابعا لها-؛ فهذا يقوم يتبعها, صحت الأخبار, وتواترت الأخبار: بأن من كان معها لا يجلس حتى توضع -توضع في اللحد, أو توضع في الأرض-.
(1) البخاري : الجنائز (1310) , ومسلم : الجنائز (959) , والترمذي : الجنائز (1043) , والنسائي : الجنائز (1914) , وأبو داود : الجنائز (3173) , وأحمد (3/25). (2) مسلم : الجنائز (962) , والترمذي : الجنائز (1044) , والنسائي : الجنائز (1999) , وأبو داود : الجنائز (3175) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1544) , وأحمد (1/82) , ومالك : الجنائز (549). (3) الترمذي : الجنائز (1044) , وأبو داود : الجنائز (3175) , وأحمد (1/82) , ومالك : الجنائز (549). (4) أحمد (1/82). (5) النسائي : الجنائز (1925). |