حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على عثمان بن مظعون
وعن عامر بن ربيعة -رضي الله عنه-: « أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على عثمان بن مظعون, وأتى القبر فحثى عليه ثلاث حثيات وهو قائم »(1) رواه الدارقطني.
لكن إسناده ضعيف جدا, من طريق القاسم بن عبد الله العمري: وهو متروك, ومتهم.
وقصة عثمان -رضي الله عنه- معروفة, ودفنه, لكن ورد الخبر عند ابن ماجه بإسناد لا بأس به: « أنه -عليه الصلاة والسلام- حثى على القبر ثلاثا »(1) فهذا يدل على أنه لا بأس أن يُحْثَى على القبر.
بل مشروع المشاركة في دفن الميت, والإعانة عليه من القربات العظيمة, ولو لم يكن إلا أن يحثو ثلاث حثيات, يعني: يجمع يديه ويأخذ ثلاث حثيات, وإن تيسر أن يشارك بأكثر؛ فلا بأس على وجه ما يكون فيه مضايقة.
بعض الناس ربما ضايق, واشتد -مثلا-, وبالغ في المشاركة؛ حتى ربما آذى إخوانه, وضايقهم, وهذا لا ينبغي عند القبور, بأنه إذا أردت أن تحسن للميت؛ فلا تؤذِ الحي, لا يجوز, فكما يشرع الإحسان للميت؛ كذلك الحي, وأن يؤذي بعضهم بعضا؛ فقد يترتب عليه نوع من اللغط, أو يترتب عليه إيذاء الأموات الأخرى, أو السقوط على القبر المجاور, أو ما أشبه ذلك.
ثم إذا علمت من أخيك محبة ذلك؛ فآثره, والإيثار في القُرَب مطلوب على الصحيح, لا بأس إذا أن أخاك يحب ذلك؛ خاصة إذا علمت أن جنس القربة حصلت عليه - حصلت على جنس القربة-, وأحب أخوك ذلك؛ فلا بأس.
وقد جاءت أخبار تدل على هذا, وقد آثرت عائشة -رضي الله عنها- عمر -رضي الله عنه- بالدفن في الحجرة, وقالت: « كنت أوثره لنفسه, أما اليوم: والله, لأوثرنه عَلَيَّ »(1)
فقال أبو بكر -رضي الله عنه- للمغيرة بن شعبة: دعني أبشر النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لما أراد أن يبشره بإقبال قوم أسلموا, أو نحو ذلك في أخبار عدة, فهو نوع من المتاجرة مع الله.
فالمقصود: أنه يحثو على القبر, هذا هو المشروع, فإن تيسر أن يحثو أكثر, ولا يكون فيه مضايقة, هذا هو المشروع؛ وإلا كفى أن يحثو ثلاث حثيات.
(1) |