حديث: لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا
وعن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « لا تدفنوا موتاكم بالليل، إلا أن تضطروا »(1) أخرجه ابن ماجه وأصله في مسلم؛ لكن قال: « زجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه »(2)
هذا الخبر في قوله: « لا تدفنوا موتاكم بليل إلا أن تضطروا »(3) جاء عند مسلم إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وهو في الحقيقة في معنى رواية ابن ماجه التي ذكرها المصنف أنه قال: « لا تدفنوا موتاكم بليل إلا أن تضطروا »(3) هذا فيه دلالة على أن الدفن بالليل خلاف الأولى، وهو منهي عنه، ظاهر النص النهي عنه.
وقد ثبت في صحيح مسلم في هذا الحديث أن رجلا دُفن بكفن غير طائل كفن إما إنه قصير أو أنه لا يليق بذات الميت، لا يليق بالميت فلما أخبر به-عليه الصلاة والسلام- قال: « لا تدفنوا أمواتكم بالليل »(4) أو قال: « إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك »(5) فهم دفنوه بالليل حتى يكون أستر له ولا يرى كفنه فنهى عن ذلك-عليه الصلاة والسلام- حتى يكون فيه عناية في كفن الميت كما في حديث مسلم: « إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه »(6) كما في معناه حديث أبي قتادة في الأمر بإحسان الكفن.
فهذا يبين أن العلة في النهي عن الدفن بالليل هو لأجل هذا، وهو خشية عدم العناية به وربما لا يكون فيه عناية بدفنه وتشييعه بخلاف النهار فإنه يكون الأمر واضحًا وبَيِّنًا، ويجتهد في الميت، وأيضا في حضور الناس في جنازته، والصلاة عليه وتشييعه ودفنه، بخلاف الليل؛ فإنه ربما شق من أجل هذه المعاني يكون الدفن بالنهار أفضل.
وقد ثبت في الخبر من حديث ابن عباس في صحيح البخاري أنهم دفنوا رجلا بالليل فأُخبر النبي بشأنه-عليه الصلاة والسلام- فذهب إليه فصلى عليه فلم ينكر عليهم الدفن بالليل.
وجاء أن أبا بكر دُفن بالليل كما في صحيح البخاري، أنه توفي يوم الاثنين -رضي الله عنه ورحمه- من آخر النهار في الليل، ولم يدفن إلا قبل الفجر -رضي الله عنه- ودفن عليٌّ فاطمةَ في الليل.
فجاءت أخبار في هذا تدل على أن الدفن بالليل جائز، لكنه خلاف الأولى، ويجوز عند الحاجة والاضطرار إلى ذلك، إلا إذا ترتب على الدفن في الليل إساءة في كفنه أو عدم الإحسان إليه فيما يتعلق بتشييعه، أو غير ذلك مما يكون من شأن الميت..
(1) مسلم : الجنائز (943) , والنسائي : الجنائز (1895) , وأبو داود : الجنائز (3148) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1521) , وأحمد (3/295). (2) مسلم : الجنائز (943) , والنسائي : الجنائز (1895) , وأبو داود : الجنائز (3148) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1521) , وأحمد (3/295). (3) مسلم : الجنائز (943) , والنسائي : الجنائز (1895) , وأبو داود : الجنائز (3148) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1521) , وأحمد (3/295). (4) مسلم : الجنائز (943) , والنسائي : الجنائز (1895) , وأبو داود : الجنائز (3148) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1521) , وأحمد (3/295). (5) مسلم : الجنائز (943) , والنسائي : الجنائز (1895) , وأبو داود : الجنائز (3148) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1521) , وأحمد (3/295). (6) مسلم : الجنائز (943) , والنسائي : الجنائز (1895) , وأبو داود : الجنائز (3148) , وأحمد (3/295). |