حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن
قال -رحمه الله- عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: « أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث معاذا إلى اليمن.. »(1) فذكر الحديث وفيه: « إن الله قد افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، فترد في فقرائهم »(2) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
هذا الخبر في آخر حياته -عليه الصلاة والسلام- و ذكر المصنف -رحمه الله- الجملة المتعلقة بباب الزكاة « أن الله افترض عليهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم »(3) فيه فرضية الزكاة كما هو معلوم.
ومن فوائده، أن الزكاة تكون على الأغنياء. والغني في باب الزكاة: هو من ملك النصاب، من الذهب أو الفضة أو الحبوب والثمار أو عروض التجارة أو الماشية، فإنه يجب عليه الزكاة، فهو غني في باب دفعها.
ثم قد يكون فقيرا في باب أخذها، فلا ملازمة. قد يدفع الإنسان الزكاة ويأخذها، فهو غني في باب دفعها، فقير في باب أخذها، فلو أن إنسانا عنده مثلا دراهم يسيرة، حال عليها الحول، عنده ألفان أو ثلاثة، وحال عليها الحول، وهو عند حولان الحول فقير، فأخرج زكاة هذه، هذا المال لا يكفيه لنفقته ولا لأهله مثلا، فإنه يعطَى من الزكاة، ويخرج الزكاة.
فلا منافاة، فهو غني في باب دفعها من جهة أنها واجبة عليه، فقير من جهة أنه إذا كان محتاجا للزكاة يأخذها، « فتؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم »(4) .
وفيه من الفوائد: أن الفقراء من مصارف الزكاة، وهم من أعظم المصارف، الفقراء والمساكين، وهم جمهور من يأخذ الزكاة في أصناف الزكاة الثمانية. وفيه أنه لا بأس أن تصرف جميع الزكاة للفقراء، ولا يلزم الإنسان أن يوزع زكاته على جميع الأصناف الثمانية، أو من كان موجودا منهم؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: « فترد في فقرائهم »(5) لم يقل: إنها توزع، وتقسم على الأصناف الثمانية، أو من كان موجودا منهم.
ويدل له أيضا أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: « أقم يا قبيصة حتى تأتي الصدقة فنأمر لك بها »(6) ويدل عليه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت تأتيه الزكاة في المدينة، ويوزعها على فقراء أصحابه، وقال معاذ: « ائتوني بعرض خميص أو لبيس، أهون عليكم، وخير لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- »(7) هذا دليل على جواز نقلها، وجواز أيضا صرفها، من جهة أنها صرفت لهم؛ لأنهم فقراء، وأنهم محتاجون.
أما قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾(8) الآية، فإن المراد بيان المصرف، لا بيان أنها تصرف وتوزع عليهم، بيان مصارفها يعني: أن هذه هي مصارفها، لا أن هذا هو الواجب في قسمتها، وهذا هو قول جماهير أهل العلم.
(1) البخاري : الزكاة (1395) , ومسلم : الإيمان (19) , والترمذي : الزكاة (625) , والنسائي : الزكاة (2435) , وأبو داود : الزكاة (1584) , وابن ماجه : الزكاة (1783) , وأحمد (1/233) , والدارمي : الزكاة (1614). (2) البخاري : الزكاة (1395) , ومسلم : الإيمان (19) , والترمذي : الزكاة (625) , والنسائي : الزكاة (2435) , وأبو داود : الزكاة (1584) , وابن ماجه : الزكاة (1783) , وأحمد (1/233) , والدارمي : الزكاة (1614). (3) البخاري : الزكاة (1395) , ومسلم : الإيمان (19) , والترمذي : الزكاة (625) , والنسائي : الزكاة (2435) , وأبو داود : الزكاة (1584) , وابن ماجه : الزكاة (1783) , وأحمد (1/233) , والدارمي : الزكاة (1614). (4) البخاري : الزكاة (1496) , ومسلم : الإيمان (19) , والترمذي : الزكاة (625) , والنسائي : الزكاة (2435) , وأبو داود : الزكاة (1584) , وابن ماجه : الزكاة (1783) , وأحمد (1/233) , والدارمي : الزكاة (1614). (5) البخاري : الزكاة (1496) , ومسلم : الإيمان (19) , والترمذي : الزكاة (625) , والنسائي : الزكاة (2435) , وأبو داود : الزكاة (1584) , وابن ماجه : الزكاة (1783) , وأحمد (1/233) , والدارمي : الزكاة (1614). (6) مسلم : الزكاة (1044) , والنسائي : الزكاة (2580) , وأبو داود : الزكاة (1640) , وأحمد (3/477) , والدارمي : الزكاة (1678). (7) (8) سورة التوبة: 60 |