حديث: ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ولا حب صدقة
وله من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: « ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ولا حب صدقة »(1) وأصل حديث أبي سعيد متفق عليه.
يعني: أنه في لفظ حديث جابر، من حديث جابر عند مسلم، ومن حديث أبي سعيد في الصحيحين، لكن في حديث أبي سعيد ذِكْر: « من تمر ولا حب صدقة »(2) وهذا يبين أن زكاة الحبوب والثمار أنها مقدرة بالنصاب، وأنها خمسة أوسق، والوسق: ستون صاعا، فعلى هذا خمسة أوساق ثلاثمائة صاع.
والأصل في وجوب الزكاة في الحبوب والثمار أنه يكون بالكيل، ثم العلماء نقلوه إلى الوزن؛ لأجل أن يضبط؛ لأن الكيل المراد به: الكيل في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- والمكاييل بعد ذلك تغيرت، زادت ونقصت، والصاع الموجود عند كثير من الناس هو أكبر من الصاع النبوي، بعضها بنحو العُشر وبعضها بنحو الخمس؛ فلهذا ضبط الصاع وقدر.
وهو نحو خمسة أرطال وثلث، وهي تزيد بالكيلو عن ستمائة، وقدر بالكيل زاد عن ستمائة من نحو ستمائة وخمسين. وهي ليس فيها تقدير مضبوط، وإنما هو العمدة على الكيل، والكيل بالصاع، والصاع أربع حفنات. فإذا كان مثلا عندك تمر، وزكاة التمر كما سيأتي تكون إذا كان يابسا، مو برطب.
إذا صار عندك تمر مثلا نقول لك: التمر اللي عنك كم يجي؟ يجي ثلاثمائة صاع؟ قال: كيف نعرف؟ لو مثلا ما عنده الصاع مثلا نقول: أن تقدر مكيالا بأي مكيال، مثلا يقدره بأي إناء من قِدر أو نحوه، أو يضع له مثلا مكيالا.
ويكون أربعة أمداد بمد الرجل المعتدل، فيأخذ مثلا أربع حفنات بحفنة الرجل المعتدل، واحدة ثنتين ثلاثة أربعة، أربع حفنات هذه فيضعها مثلا في مكيال، فيكون هذا هو الصاع، ويجعله هو المقدار. نقول: إذا كان عندك مقدار ثلاثمائة من هذا القدر، فهذا هو الواجب عليك.
وهذا هو في الحقيقة الأصل والضبط، وهكذا مثلا في زكاة الفطر، كما سيأتينا، الواجب والأحوط هو إخراج هذا القدر: أربع حفنات. إذا كان إنسان مثلا عنده، أراد يخرج ويريد يعرف المقدار الواجب عليه، نقول: الواجب صاع على كل إنسان مسلم، والصاع مقداره: خذ أربع حفنات بمقدار يدي الرجل المعتدل، أربع حفنات في قِدر أو نحوه، أو إناء، إذا جعلته يكون هذا هو المقدار. كم أنتم؟ عشرة أخرج عشرة خمسة خمسة وهكذا.
وبالكيلو مقدر بنحو ثلاثة كيلو بالأحوط، وإلا هو الصاع بالكيلو يقارب كيلوين، ويزيد قليلا نحو أربعين غراما، وبالجملة إذا احتار، وجعلها مثلا أكثر، خمسمائة غرام، أو جعلها ثلاثة كيلو كان أحوطا.
قال: « من تمر ولا حب صدقة »(2) ثم اختلف العلماء في التمر، في الواجب فيه، فالتمر واجب، ما فيه إشكال، وكذلك العنب. والحب يشمل جميع الحبوب، فإذن الأظهر -والله أعلم- أن الزكاة تجب في جميع أنواع الحبوب، سواء كانت مقتاتة أم لا؟ كل حب يجب فيه، دخن، ذرة، كل حب تجب فيه الزكاة.
أما الثمار فإنها تجب فيها إذا كانت مدخرة ومكيلة، إذا كانت تكال؛ ولهذا ذكر الوسق فيها، دل على أنه لا بد من التوسيق، وسيأتي أن الخضراوات ليس فيها شيء.
(1) مسلم : الزكاة (979) , والدارمي : الزكاة (1634). (2) مسلم : الزكاة (979) , والدارمي : الزكاة (1634). |