حديث: إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع
وعن سهل بن أبي حثمة -رضي الله عنهما- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع »(1) رواه الخمسة، إلا ابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم.
هذا الحديث من طريق عبد الرحمن بن مسعود بن نيار، وهو مجهول، ومن أثبته واحتج به -وهو المشهور في المذهب- قالوا: إنه يخرص، إذا جاء الخارص إلى صاحب التمر فإنه يدع الثلث ما يخرصه. مثلا لو كان عنده ألف صاع، أو مثلا تسعمائة صاع من التمر، خرص النخل، وقال الخارص: الواجب عندك تسعمائة صاع.
يقول -عليه الصلاة والسلام-: « خذوا ودعوا الثلث »(1) يعني: اخرص خذ زكاة ستمائة، وثلاثمائة لا تأخذ زكاتها، هذا الثلث. أو الربع، ربع التسعمائة، مثل إذا كان ألف ومائتين صاع مثلا، يترك ربعها وهو ثلاثمائة، ويأخذ زكاة تسعمائة، ويخلي ثلاثمائة ما يزكيها، فيكون المتروك من التمر.
وقيل: إنه "دعوا الثلث" يعني: ثلث الزكاة، يفرقها بنفسه. والأظهر أنه دعوا الثلث من المال، فلا تزكوه؛ لأنه يحتاج يأكل، ويحتاج يهدي، فالذي يؤكل في الحقيقة يشبه ما يترك في الزكاة، في باب العوامل وما أشبهها، وفيما يكون للخدمة والمتاع، مما لا يبيع فيه ولا يشتري.
فالذي يأكله لا زكاة فيه؛ لأنه يحتاج إلى انتفاعه، وهو في الغالب يقدر بنحو الثلث والربع، فالإنسان إذا كان عنده ثمرة، في الغالب أن الثلث والربع كثير، يكفيه لأكله، ويكفيه لإهدائه، ولعطيته ومن يحتاج، فيترك له.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يجب أن يخرص الجميع، وتؤخذ زكاة الجميع، وقالوا: إن الخبر لا يثبت، وبالجملة العمدة على الخبر، فإذا كان الخبر لم يثبت، فيجب خرص الجميع. لكن هذا هو المشهور في المذهب، وينظر إن كان له شاهد يدل عليه، أو عمل الصحابة، وإلا فالأصل هو وجوب أخذ الزكاة من الجميع.
(1) الترمذي : الزكاة (643) , والنسائي : الزكاة (2491) , وأبو داود : الزكاة (1605) , وأحمد (3/448) , والدارمي : البيوع (2619). |