حديث: تصدقوا فقال رجل يا رسول الله عندي دينار قال: تصدق به على نفسك
قال: وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « تصدقوا. فقال رجل: يا رسول الله، عندي دينار. قال: تصدق به على نفسك. قال: عندي آخر. قال: تصدق به على ولدك. قال: عندي آخر. قال: تصدق به على زوجتك. قال: عندي آخر. قال: تصدق به على خادمك. قال: عندي آخر. قال: أنت أبصر »(1) رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم.
وهذا الخبر أيضا جاء له شاهد من حديث ثوبان، قال: « وأي الصدقة أفضل من رجل له عيال يتصدق عليهم، يكفهم عن الناس »(2) وجاء هذا الخبر وقد رواه النسائي، لكنه قدم الصدقة على الأهل، على الأولاد.
وهنا قدم قال: « ابدأ بنفسك فتصدق عليها، ثم قال: على ولدك. لما قال: عندي آخر. ثم قال: عندي آخر. قال: على زوجتك. ثم قال: عندي آخر. قال: على خادمك. ثم قال: عندي آخر -يعني: خامس-. قال: أنت أبصر »(3) .
فهي خمسة دنانير: دينار على نفسه، ودينار لولده، ودينار لزوجته، ودينار لخادمه، ودينار قال: أنت أبصر، فجعل هذا يبين أن الغنى يختلف مع أنه عنده خمسة دنانير، جعله غنيا بالدينار الخامس، وأنه يتصدق به حينما يجعل هذه أربعة دنانير لمن يعول.
في حديث النسائي قدم الصدقة على الأهل، على الأولاد، ويشهد له حديث جابر أيضا في صحيح مسلم، أنه -عليه الصلاة والسلام- في حديث النسائي قدم الزوجة، ذكر الزوجة هكذا.
وفي حديث مسلم، عن جابر، أنه قدم الأهل على الأولاد، فاختلف في هذه الروايات، في أيها أضبط وأيها أصح: هل هو تقديم الزوجة على الأولاد، أو تقديم الأولاد على الزوجة؟ .
حديث النسائي صريح في الزوجة، حديث مسلم ليس صريحا فيه، الظاهر أنه الأهل قد يحتمل الزوجة، وقد يحتمل الأهل الأولاد، أيضا يدخل فيه الأهل والزوجة، وهذا عندما يكون عنده سعة، عنده أموال يسيرة.
أما إذا كان عنده سعة في المال، فليس فيه ضيق، ينفق على الجميع، لكن لو أن إنسانا ليس عنده ما يكفيه إلا لنفسه ولأولاده، وعنده زوجة، هل يبدأ بالنفقة بعد نفسه: ينفق على زوجته، أو ينفق على أولاده؟ .
فيه خلاف:
المذهب وقول كثيرين: أنه تقدم نفقة الزوجة على نفقة الأولاد؛ لأنها أخذت بالمعاوضة، والأولاد نفقتهم ليست من باب المعاوضة، ليست إلا من باب المواساة، فيواسيهم بما يجد فتقدم.
والقول الثاني: أنها تقدم نفقة الأولاد؛ لهذه الأدلة وما جاء في معناها، ولأنهم أمس به وأقرب، ولأنهم لا يمكن أن ينقطع نسبهم منه وصلتهم به، أما الزوجة فيمكن أنه لو لم يستطع النفقة عليها أن تستغني: إما بأن تفسخ منه، أو تتزوج بزوج آخر، بخلاف الأولاد، فإنهم متصلون به، ونفقتهم واجبة عليه على كل حال، وهذا أقرب.
ثم إذا زادت الدنانير -الأموال-، فإنه قال: « أنت أبصر »(4) بمعنى: أنه وكله لنفسه، وينظر ما هو الأصلح والأولى.
(1) النسائي : الزكاة (2535) , وأبو داود : الزكاة (1691). (2) مسلم : الزكاة (994) , والترمذي : البر والصلة (1966) , وابن ماجه : الجهاد (2760) , وأحمد (5/284). (3) مسلم : الزكاة (997) , والنسائي : البيوع (4652) , وأبو داود : العتق (3957) , وأحمد (3/305). (4) النسائي : الزكاة (2535) , وأبو داود : الزكاة (1691). |