حديث: لئن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره
وعن الزبير بن العوام -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « لئن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره، فيبيعها فيكف بها وجهه -خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه »(1) .
وهذا الخبر له شاهد من حديث أبي هريرة، وفيه فضل العمل والكد، وأن الإنسان عليه أن يجتهد ويعمل، ولو أذل نفسه بباب العمل، وهذا خير من أن يذل نفسه بباب السؤال؛ ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام-: « لئن يحتطب أحدكم »(2) يأخذ حطبا.
وذكر هذا لأنه فيه مشقة: « يأتي بحزمة حطب فيبيعها، فيكف بها وجهه -خير من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه »(3) قد يعطونه وقد يمنعونه، فهو في هذه الحال إذا عمل يكون أفضل، وجاء في فضل العمل، وفضل العمل لنفسه ولأهله، وأنه على خير.
فلهذا أخبر -عليه الصلاة والسلام- أن حاله وإن حصل شيء من الذل، وامتهن بعض الأعمال التي لا يريدها بعض الناس -خير من أن يسأل الناس، هذه هي الذلة الحقيقية، ثم الناس قد يسألونه، وقد يعطونه، وفيه من الذلة -كما سبق- والافتقار إلى الخلق والتذلل لهم مما يجعله عادة له.
وهذا قد عهد فيمن يسأل الناس، فإنه في الحقيقة قل أن يترك السؤال، وقد يستغني ويكون له المال العظيم، لكنه لا يترك السؤال، وجاء فيه أخبار كثيرة تدل على هذا المعنى.
(1) البخاري : الزكاة (1471) , وابن ماجه : الزكاة (1836) , وأحمد (1/167). (2) البخاري : البيوع (2074) , ومسلم : الزكاة (1042) , والترمذي : الزكاة (680) , والنسائي : الزكاة (2589) , وأحمد (2/300) , ومالك : الجامع (1883). (3) البخاري : الزكاة (1471) , وابن ماجه : الزكاة (1836) , وأحمد (1/167). |