حديث: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل
وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « من لم يدع قول الزور، والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع شرابه وطعامه »(1) رواه البخاري، وأبو داود، واللفظ له.
هذا اللفظ في البخاري، موجود بهذا، لكن كلمة الجهل لم يذكرها البخاري -رحمه الله- في كتاب الصوم، إنما ذكرها في كتاب الأدب، وكأنه -والله أعلم- لم يذكرها في كتاب الصوم؛ لأنه في كتاب الأدب ذكره، وكأن إسناده عنده ليس بمستقيم، قال: " أفهمني رجل إسناده " ؛ ولهذا لم يذكرها في الصوم -والله أعلم- من جهة لعله تردد في سندها، وأنه لأجل هذا.
وهذا اللفظ -كما سبق- ذكره البخاري في كتاب الأدب، ولم يذكره في كتاب الصوم، وفيه أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: « من لم يدع قول الزور، والعمل به »(2) الزور: هو الكذب، يقول الكذب، ويعمل بالكذب، وبمقتضاه، فلا يجوز له في الصوم، وغير الصوم.
والجهل: هو السفه، الجهل هو السفه بالفعل، من الطيشان وغيره، « فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه »(3) والله -سبحانه وتعالى- أمر عبده بالصيام، وأن يكون صيامه صياما سالما من هذه المكدرات.
« ورب صائم، ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش »(4) ؛ لأنه لا أجر له، فالظاهر -والله أعلم- من جهة أنه إذا صام هذا الصيام، فإنه يسقط من جهة براءة الذمة، وقال بعض أهل العلم: إنه إذا اغتاب، ووقع في مثل هذا، فإن صومه يبطل.
والأظهر أنه لا يبطل؛ ولهذا لم يخبر ببطلانه -عليه الصلاة والسلام-، وفي الحديث الآخر قال: « ليس له من صومه إلا الجوع والعطش »(5) فأخبر أنه صائم، لكنه صيام ناقص وقاصر، والزور والجهل محرم على كل حال، وفي حال الصوم أشد.
وإذا كان الإنسان وهو صائم، لا يدع قول الزور، والعمل به، فكيف حاله وهو غير صائم؟! لا شك أن إقدامه على هذه الأمور أشد، وهذا يبين أنه ليس عنده يقين، ولا إيمان يحجزه عن هذه المحرمات، خاصة يعني حاله هو حال الصوم، فوقوعه في مثلها في غير حال الصوم، ربما كان عنده أسهل؛ لأنه ليس في عبادة تحجزه عن مثل هذه الأمور المحرمة.
(1) البخاري : الأدب (6057) , والترمذي : الصوم (707) , وأبو داود : الصوم (2362) , وابن ماجه : الصيام (1689) , وأحمد (2/505). (2) البخاري : الصوم (1903) , والترمذي : الصوم (707) , وأبو داود : الصوم (2362) , وابن ماجه : الصيام (1689) , وأحمد (2/505). (3) البخاري : الصوم (1903) , والترمذي : الصوم (707) , وأبو داود : الصوم (2362) , وابن ماجه : الصيام (1689) , وأحمد (2/505). (4) ابن ماجه : الصيام (1690) , وأحمد (2/373) , والدارمي : الرقاق (2720). (5) ابن ماجه : الصيام (1690) , وأحمد (2/441) , والدارمي : الرقاق (2720). |