حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: « كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه »(1) متفق عليه، واللفظ لمسلم، وزاد في رواية: « في رمضان »(2) .
كان يقبل وهو صائم -عليه الصلاة والسلام -، فيه دلالة على أنه لا بأس به في حال الصيام، وفرق بعض أهل العلم بين الشيخ والشاب، وقيل بجوازه، وهو الأظهر، من جهة أنه جائز على العموم.
وفي الحديث الآخر: « أنه سأله ذاك الشاب عمرو بن سلمة، لما سأله عن التقبيل، وكان شابا، فقال: أخبرني أنه يقبل وهو صائم، ولم ينهه عن التقبيل -عليه الصلاة والسلام- »(2) .
لم ينهه عن التقبيل، فدل على أنه لا بأس به في حق الصائم، إلا إذا خشي، وغلب على ظنه وقوع المحذور، فلا يجوز له، من جهة أنه سبب إلى أمر محرم، « فقد كان أملككم لإربه »(3) أو لأربه، على اختلاف الروايتين، لأربه: لحاله، ولإربه: يعني لعضوه.
وهذا من كلام عائشة -رضي الله عنها-، وإلا فهو فعله دليل على أنه لا بأس به؛ ولهذا جاء في الرواية الأخرى" في رمضان" ولم يقل هذا خاص بي، أو لا تقتدوا بي في مثل هذا.
دل على أنه من حيث الجملة لا بأس به، وجاء في حديث عمر عند أبي داود أن عمر -رضي الله عنه- قال: « يا رسول الله، فعلت أمرا عظيما، قبلت وأنا صائم، قال -عليه الصلاة والسلام-: أرأيت لو تمضمضت وأنت صائم؟ قال: لا بأس، قال: فمه »(4) أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-.
من جهة أن المضمضة، كما أنها لا تفسد الصوم، فهي مقدمة لدخول الماء إلى الجوف، فكذلك التقبيل، قد يكون مقدمة لما بعده، فإذا كان مأمون الشر، فلا بأس بذلك.
لكن قد يكون في قوله: "أرأيت لو تمضمضت" أنه قد يكون -والله أعلم- أنه إشارة أنه عدم المبالغة في مثل هذا؛ لأن الصائم لا يبالغ في المضمضة، كما أنه لا يبالغ في الاستنشاق؛ خشية أن ينزل إلى جوفه شيء، كذلك هو لا ينبغي له المبالغة في مثل هذا؛ لأنه يئول إلى.. قد يئول إلى أمر محرم، فيفسد الصوم.
(1) البخاري : الصوم (1928) , ومسلم : الصيام (1106) , والترمذي : الصوم (729) , وأبو داود : الصوم (2382) , وابن ماجه : الصيام (1684) , وأحمد (6/126) , ومالك : الصيام (646) , والدارمي : الصوم (1722). (2) (3) البخاري : الصوم (1927) , ومسلم : الصيام (1106) , والترمذي : الصوم (729) , وأبو داود : الصوم (2382) , وابن ماجه : الصيام (1687) , وأحمد (6/40). (4) أبو داود : الصوم (2385) , وأحمد (1/52) , والدارمي : الصوم (1724). |