حديث: من مات عليه صيام صام عنه وليه
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « من مات عليه صيام صام عنه وليه »(1) متفق عليه .
وهذا اللفظ يشمل ظاهرة عام لجميع أنواع الصوم « من مات وعليه صيام »(1) وأخذ جمع من أهل العلم بهذا وقالوا: إن كل من كان عليه صيام صوم نذر أو صوم رمضان يصوم عنه وليه؛ لعموم هذا الخبر.
وقيل إنه لا يصام عن الميت، لا صوم النذر ولا صوم رمضان، هذا القول الثاني. وقيل: إنه يصام عن صوم النذر دون صوم رمضان، وبهذا أفتى ابن عباس وعائشة -رضي الله عن الجميع- عائشة أفتت بهذا، وقد روت هذا الخبر.
وجاء عنهما عن عائشة وابن عباس: لا يصم أحد عن أحد، وهذا قيل: إن المراد به الصيام الواجب في الشرع، وقالوا: إن هذا الخبر: "من مات وعليه صيام" هو الصيام الواجب بالنذر؛ لأنه هو الصوم الذي يكون أوجبه المكلف على نفسه، أما ذاك فمعلوم من الشرع.
وقالوا: فرق بين الواجب بالنذر والواجب بالشرع، فما أوجبه على نفسه والتزمه بنفسه فإنه يلزمه أن يأتي به، أما ما كان واجبا بالشرع فإن أمره أخف، من جهة أنه إذا مات ولم يمكنه قضاءه … إذا مات ولم يقض فإن عليه الكفارة، وإن صِيم عنه فلا بأس.
وهذا القول اختاره العلامة ابن القيم -رحمه الله- ومثله ابن تيمية، وفرقوا بين صوم النذر وقضاء صيام رمضان، فقالوا: إن صوم النذر يُقضى -يقضيه عنه وليه- وصوم النذر وصوم رمضان لا يقضيه، بل عليه الكفارة، يُطعَم عن كل يوم مسكين من تركته.
هذا هو الذي ذكروه، ومن أخذه بعموم النص وقال: إنه يشمل جميع أنواع الصوم فالأظهر لا بأس، لكن لا يكون متأكدًا كتأكد صوم النذر، يصوم عنه وليه، وكذلك في صوم رمضان كما سبق؛ لعموم هذا النص.
وأطلق الولي من جهة أنه الأغلب هو الذي يهتم بشأنه وأمره، وإلا فالأظهر عند الجمهور أنه لو صام عنه غير وليه أو … من الناس أو لو يكن به علاقة أو معرفة فإنه يصح صومه عنه؛ لأنه من باب ما وجب عليه، هو الآن لا يمكن استئذانه؛ فلهذا يسقطه عنه كما أنه لو قضى دينه، إنسان… + عليه دين وقضى... صح، ولم يشترط أن يستأذن أولياءه، فكذلك الصوم الذي وجب عليه، فأراد أن يبرئ ذمة أخيه المسلم فهو أمر مشروع للقريب ولغيره.
(1) البخاري : الصوم (1952) , ومسلم : الصيام (1147) , وأبو داود : الصوم (2400) , وأحمد (6/69). |