كتاب الحج
باب فضله وبيان من فرض عليه
حديث العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما
قال -رحمه الله-: "كتاب الحج" باب فضله وبيان من فرض عليه.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة »(1) متفق عليه.
هذا في فضل العمرة، فضل الحج والعمرة، وثبتت الأخبار الصحيحة في فضل الحج والعمرة، أنه -عليه الصلاة والسلام- سئل: أي الأعمال أفضل؟ وثبت في الصحيحين أنه سئل: « أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله. قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قيل: ثم أي؟ قال: الحج، أو قال: حج مبرور »(2) .
وثبت هذا المعني أيضًا في أخبار، أنه -عليه الصلاة والسلام، من حديث ابن مسعود- قال: « تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب الفضة »(3) وجاء معناه في حديث عامر بن ربيعة، في قوله: « تابعوا العمرة إلى العمرة »(4) يدل على مشروعية الإكثار من العمرة.
واختلف العلماء في العمرة: هل تشرع في كل عام مرة واحدة، كما هو مذهب مالك؟ أو في كل شهر مرة؟ أو كل عشرة أيام؟ أو بغير حد -وهو الأظهر؟
والرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يثبت عنه أنه اعتمر إلا في كل عام، ولم يثبت إلا من عام إلى عام، والسنة مثلما… والرسول -عليه الصلاة والسلام- ربما ترك الأمر لأجل عدم المشقة على أمته، وربما لم يتيسر له لذلك، ولأجل انشغاله بأمور تتعلق بالجهاد ومصالح المسلمين، فإذا دل الأمة على أمر اكتفى به، بل دلالته بالقول أقوى من دلالته بالفعل، من جهة تأكد الأمر: العمرة إلى العمرة، وفي قوله: « تابعوا بين الحج والعمرة »(3) … والإمام أحمد -رحمه الله- وجمع من أهل العلم قالوا: "إنه يشرع أنه إذا اعتمر، ألا يتابع بينهما مباشرة، بل يبقى مدة يسيرة".
وكان أنس -رضي الله عنه- إذا اعتمر، انتظر حتى إذا حمم رأسه -يعني اسود شعره - أخذ عمرة ثانية.
« العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما »(1) وهذا كما سبق في عموم التكفير، « والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة »(5) وجاء في القول الآخر "حديث ابن مسعود": « أنهما ينفيان الفقر والذنوب »(6) وهذا يفسر الكفارة: أنهما فيهما مصالح تتعلق بالدنيا، ومصالح تتعلق بالآخرة، وأنهما ينفيان الفقر كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب والفضة.
(1) البخاري : الحج (1773) , ومسلم : الحج (1349) , والترمذي : الحج (933) , والنسائي : مناسك الحج (2622) , وابن ماجه : المناسك (2888) , وأحمد (2/246) , ومالك : الحج (776) , والدارمي : المناسك (1795). (2) البخاري : الإيمان (26) , ومسلم : الإيمان (83) , والترمذي : فضائل الجهاد (1658) , والنسائي : مناسك الحج (2624) , وأحمد (2/308) , والدارمي : الجهاد (2393). (3) الترمذي : الحج (810) , والنسائي : مناسك الحج (2631) , وأحمد (1/387). (4) البخاري : الحج (1773) , ومسلم : الحج (1349) , والترمذي : الحج (933) , وابن ماجه : المناسك (2888) , وأحمد (2/246) , ومالك : الحج (776). (5) البخاري : الحج (1773) , ومسلم : الحج (1349) , والترمذي : الحج (933) , والنسائي : مناسك الحج (2629) , وابن ماجه : المناسك (2888) , وأحمد (2/462) , ومالك : الحج (776) , والدارمي : المناسك (1795). (6) الترمذي : الحج (810) , والنسائي : مناسك الحج (2631) , وأحمد (1/387). |