حديث أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- أعرابي
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: « أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- أعرابي فقال: يا رسول الله، أخبرني عن العمرة: أواجبة هي؟ فقال: لا، وأن تعتمر خير لك »(1) رواه أحمد والترمذي، والراجح وقفه.
وأخرجه ابن عدي من وجه آخر ضعيف.
عن جابر -رضي الله عنه- مرفوعًا: « الحج والعمرة فريضتان »(2) .
المصنف -رحمه الله- أورد هذين الخبرين في وجوب الحج، وفي عدم وجوبه، وكلا الخبرين ضعيف، كلا الخبرين: قول: « وأن تعتمر خير لك »(3) وفي قوله: « الحج والعمرة فريضتان »(2) كلاهما ضعيفان.
والمصنف -رحمه الله- يورد كما سبق، يعتني بإيراد الخبر وما يخالفه؛ حتى يورد الدليلين اللذين يدلان على كلا القولين، فقد يكون في المسألة قولان، فيورد الدليل الذي يدل على هذا القول، والدليل الذي يدل على هذا القول، ينظر طالب العلم في هذه المسألة، وفي هذه الأقوال، فيترجح له ما يظهر فيها بالأدلة، والأدلة الأخرى هي التي توضح هذه المسألة، في وجوب العمرة، أما الحج وجوبه واضح، أمر مقطوع به في الشريعة، لكن خلاف العمرة، والأظهر هو وجوب العمرة، وهو اختيار البخاري -رحمه الله-، وقال ابن عباس: "إنها لقرينتها في كتاب الله".
والأظهر وجوبها لأدلة، أولها: قوله -تعالى-: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾(4) وفي قوله -تعالى-: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾(5) .
وهذا أظهر في الدلالة؛ لأن الحج هنا مطلق: يشمل الحج الأكبر والأصغر، ويدخل فيه الحج الأصغر وهو العمرة. وأيضًا أصلح في الدلالة، ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- في هذا الخبر "في حديث عائشة": « على النساء جهاد؟ قال: نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة »(6) فأثبت على النساء وجوب العمرة، كما هو يوجب الحج، فكذلك يدل على وجوبه على الرجال من باب أولى، هذا هو الدليل الأول من السنة في وجوب الحج.
الدليل الثاني من السنة ماذا؟ حديث أبي رزين العقيلي، أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: « إن فريضة الله أدركت أبي، وهو شيخ كبير لا يستطيع الركوب ولا الظعن. قال: حج عن أبيك واعتمر »(7) .
وثبت أيضًا في حديث عمر بن الخطاب، الذي جاء في ذكر الإيمان، وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وفي صحيح مسلم عن عمر -رضي الله عنه-، وجاء عند الدارقطني وغيره، أنه قال لما ذكر له خصال الإسلام، قال: « وأن تحج وتعتمر، وتغتسل من الجنابة »(2) ذكر له العمرة، فهذه الأدلة الثلاثة هي أصح الأدلة في السنة: حديث عائشة: « عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة »(6) وحديث أبي رزين العقيلي، وحديث عمر بن الخطاب، في سؤاله عن الإيمان والإسلام، وفي ذكره: « أن تعتمر »(3) فهي أدلة قائمة، وحجة واضحة في وجوب العمرة، مع ما جاء عن السلف في قوله: "إنها لقرينتها في كتاب الله".
(1) الترمذي : الحج (931) , وأحمد (3/316). (2) (3) أحمد (3/316). (4) سورة البقرة: 196 (5) سورة آل عمران: 97 (6) النسائي : مناسك الحج (2628) , وابن ماجه : المناسك (2901). (7) الترمذي : الحج (930) , والنسائي : مناسك الحج (2637) , وأبو داود : المناسك (1810) , وابن ماجه : المناسك (2906) , وأحمد (4/10). |