حديث ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى أتجد شاة
وعن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- قال: « حُملت إلى رسول -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى، أتجد شاة؟ قلت: لا؛ قال: فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع »(1) متفق عليه.
وهذا في كفارة الأذى، وأن كعب عجرة حُمِلَ والقمل يتناثر على رأسه؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: « ما كنت أرى أن الأذى، أو الوجع، بلغ بك ما أرى؛ قال: أتجد شاة؟ قال: لا. في لفظ آخر: إن شئت فاذبح شاة -عند أبي داود -وإن شئت فصم ثلاثة أيام، وإن شئت فأطعم ستة مساكين »(2) .
وهذه يبين المجمل في قوله تعالى: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾(3) بدأ بالصيام، ثم ثنى بالصدقة، ثم ثلث بالنسك، بدأ بأسهلها بالصيام، ثم ثنى بالصدقة؛ لأنها أعظم نفعا، ولأن نفعها متعدٍ، ثم جعل النسك آخرا؛ لأنه أفضلها، وأتمها والقاعدة أن التخيير في هذه الأشياء: إذا جعل الأخير فهو الأولى والأفضل.
لكن لم يجعله أخيرا إلا ليبين أنه ليس هو الواجب، والأولى أن يبدأ به؛ لأن ذبح الشاة أفضل وأولى، وقد يوهم أنه لو قُدِّمَ -مثلا- نسك، ثم الصدقة، ثم الصيام -أن يكون مرتبا بحسب أفضليته؛ فيذبح، فإن لم يجد يتصدق، فإن لم يجد فإنه يصوم.
لكن كما بين -عليه الصلاة والسلام- أنه مخير بين هذه الثلاثة أشياء، والأفضل ما كان نفعه متعدٍ: من ذبح شاة، أو طعام؛ فيصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يذبح شاة، كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- كعب بن عجرة بذلك.
(1) البخاري : الحج (1816) , ومسلم : الحج (1201) , والترمذي : الحج (953) , والنسائي : مناسك الحج (2851) , وأبو داود : المناسك (1860) , وابن ماجه : المناسك (3079) , وأحمد (4/242) , ومالك : الحج (956). (2) البخاري : الحج (1816) , ومسلم : الحج (1201) , والترمذي : الحج (953) , والنسائي : مناسك الحج (2851) , وأبو داود : المناسك (1860) , وابن ماجه : المناسك (3079) , وأحمد (4/242) , ومالك : الحج (956). (3) سورة البقرة: 196 |