حديث: كان يُهِلُّ منا المهل فلا ينكر عليه
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: « كان يُهِلُّ منا المهل فلا ينكر عليه، وكان يكبر منا المكبر فلا ينكر عليه »(1) متفق عليه
وهذا أيضا كما سبق، أنه لا بأس من التكبير مع التلبية، وقال أنس -رضي الله عنه-: « كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه »(2) في الحج، وهكذا في العمرة، « ويكبر المكبر فلا ينكر عليه »(3) وثبت في الخبر الآخر الذي سبق، أنه -عليه الصلاة والسلام- « لما لبى حمد الله وهلله وكبره »(4) -بعد الفراغ من التلبية-.
ومما ينبَّه له، أنه يشرع أيضا أن تكون التلبية حال استقبال القبلة، فقد لبى -عليه الصلاة والسلام- واستقبل القبلة، كما في الصحيحين: عن ابن عمر، أنه لما أراد أن يلبي بالحج ركب راحلته، واستقبل القبلة، ثم لبى، ثم قال: هكذا صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
والتلبية هي الأصل، وهي المشروعة للحاج، لكن هل تشرع في جميع أحواله أو في بعض الأحوال؟ المنقول من هديه -عليه الصلاة والسلام-، أن التلبية تغلب حينما يكون سائرا، وقاصدا من مشعر إلى مشعر، سائرا من الميقات إلى مكة، فكان يلبي في طريقه -عليه الصلاة والسلام-، وكان أصحابه يلبون، ويرفعون أصواتهم بالتلبية، حتى يستلم الحجر.
هذا هو السنة، أن تكون التلبية إلى استلام الحجر، هذا في حق من أراد عمرة، من كان يريد عمرة، أما من كان يريد الحج، فإنه إذا استلم الحجر، يشتغل بعد ذلك بالأذكار، ثم إذا كان باقيا على إحرامه، فيما إذا كان مفردا أو قارنا، ويلبي ويشتغل بالتلبية، إلى أن يرمي جمرة العقبة، وهكذا المتمتع الذي يحرم بالحج في اليوم الثامن أو قبله، فإنه يلبي إلى أن يرمي جمرة العقبة.
وتتأكد التلبية كما سبق، فيما إذا انتقل من مشعر إلى مشعر، إذا كان في مكة وأحرم بالحج، وأراد أن يسير إلى منى يلبي، يقول: يجيب دعاء ربه -سبحانه وتعالى- إجابة بعد إجابة، ثم إذا سار من منى إلى عرفة فيلبي، ثم من عرفة إلى المزدلفة فيلبي، ثم من مزدلفة إلى منى-يرمي الجمرة- فإنه يلبي.
أما إذا كان نازلا في المشاعر، فلم ينقل أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يلبي؛ ولهذا في المزدلفة لما نزلها -عليه الصلاة والسلام- هجع هجعة، ونام حتى أصبح -عليه الصلاة والسلام-؛ فلهذا إذا كان في هذه الأماكن، فغلب أو أكثر من التكبير، والذكر والدعاء كان أفضل؛ ولهذا هو -عليه الصلاة والسلام- في عرفة، وحينما وقف عند المشعر الحرام، رفع يديه وجعل يدعو -عليه الصلاة والسلام-.
فالسنة هو الإكثار من الدعاء، وسؤال الرب -سبحانه وتعالى- والثناء عليه، أن يكثر من قول: « لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير »(5) حيث قال: « خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي »(6) هذه كلماته -عليه الصلاة والسلام-، ثم بعد ذلك يدعو بما أحب من خير الدنيا والآخرة، وإذا كان في المشاعر، كان يذكر الله، وكان يدعوه ويسأله -سبحانه وتعالى-، ويجتهد في طلبه، وإذا سار من مشعر إلى مشعر، فإنه كان يلبي.
(1) البخاري : الحج (1659) , ومسلم : الحج (1285) , والنسائي : مناسك الحج (3000) , وابن ماجه : المناسك (3008) , ومالك : الحج (753). (2) البخاري : الحج (1659) , ومسلم : الحج (1285) , والنسائي : مناسك الحج (3000) , وابن ماجه : المناسك (3008) , ومالك : الحج (753). (3) البخاري : الجمعة (970) , ومسلم : الحج (1285) , والنسائي : مناسك الحج (3000) , وابن ماجه : المناسك (3008) , ومالك : الحج (753). (4) مسلم : الحج (1218) , وأبو داود : المناسك (1905) , وابن ماجه : المناسك (3074) , والدارمي : المناسك (1850). (5) البخاري : الأذان (844) , ومسلم : المساجد ومواضع الصلاة (593) , والنسائي : السهو (1341) , وأبو داود : الصلاة (1505) , وأحمد (4/245) , والدارمي : الصلاة (1349). (6) الترمذي : الدعوات (3585). |