حديث افعل ولا حرج
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: « أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف في حجة الوداع، فجعلوا يسألونه: فقال رجل: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح، قال: اذبح ولا حرج، وجاء آخر فقال: لم أشعر، فنحرت قبل أن أرمي، قال: ارم ولا حرج، فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج »(1) متفق عليه.
وحديث عبد الله بن عمرو، وجاء له شاهد من حديث ابن عباس، عند البخاري، « ولم يسأل عن شيء قدم ولا أخر، إلا قال: افعل ولا حرج »(2) فجاءه رجل فقال: « حلقت قبل أن أرمي قال: افعل ولا حرج، وقال رجل: نحرت قبل أن أرمي قال: افعل ولا حرج، وقال رجل آخر: أفضت قبل أن أرمي، قال: افعل ولا حرج، فما سئل عن شيء قدم ولا أخر، إلا قال: افعل ولا حرج »(3) -عليه الصلاة والسلام-.
فسئل عن نحو ثلاث مسائل أو أربع مسائل في ذلك اليوم؛ لأن السنة في ذلك الترتيب: الرمي أولا، ثم النحر ثانيا، ثم الحلق ثالثا، ثم الطواف والسعي، إن كان عليه سعي، و الطواف وحده إن لم يكن عليه سعي، فلو قدم وأخر فلا بأس، وفي لفظ: قال: « لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم، فذلك الذي حرج وهلك »(4) كما في حديث أسامة بن شريك، وهذا أيضا كما سبق يبين أن الأصل في أفعاله على الوجوب.
قوله: "لم أشعر" يعني: لم أعلم الشعور هو العلم، لم أشعر بهذا يعني لم أعلم بهذا، وهذا لا مفهوم له، والرسول -عليه الصلاة والسلام- بين أنه لا حرج، ولم يقل مثلا: أن من كان بهذه الحالة، فلا حرج عليه، ومن كان شاعرا، وشعر بذلك فلا حرج؛ لأنه أجاب بجواب مستقل؛ لهذا السائل ولغيره، وهو شامل لجميع الحالين، وأنه لا حرج.
ولهذا علل بذلك الحديث « إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم، فهو الذي حرج وهلك »(5) .
أما من فعل هذا، وقدم وأخر فلا حرج عليه، وهذا يبين أيضا، أنه لا بأس كما سيأتي.
أن هذه الأفعال؛ لأنها تكثر في هذا اليوم، وربما شق على كثير من الناس ترتيبها؛ فلهذا سهل ويسر فيها في تقديمها وتأخيرها.
(1) البخاري : العلم (83) , ومسلم : الحج (1306) , والترمذي : الحج (916) , وأبو داود : المناسك (2014) , وابن ماجه : المناسك (3051) , وأحمد (2/217) , ومالك : الحج (959) , والدارمي : المناسك (1907). (2) (3) البخاري : العلم (124) , ومسلم : الحج (1306) , والترمذي : الحج (916) , وأبو داود : المناسك (2014) , وابن ماجه : المناسك (3051) , وأحمد (2/217) , ومالك : الحج (959) , والدارمي : المناسك (1907). (4) أبو داود : المناسك (2015). (5) أبو داود : المناسك (2015). |