حديث أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيت بمكة ليالي منى
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما-: « أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيت بمكة ليالي منى، من أجل سقايته، فأذن له »(1) متفق عليه.
وهذا فيه إذنه -عليه الصلاة والسلام- للعباس بن عبد المطلب من أجل سقايته، فقد كانوا يسقون الحجاج من بئر زمزم، يسقونهم الماء، ويجعلون معه، ينبذون فيه التمر أو الزبيب، ينبذون فيه التمر؛ حتى يحلو طعمه، فيسقونهم، وقد أمرهم -عليه الصلاة والسلام- بذلك وقال: « لولا أن أشق على الناس أو على المسلمين، لوضعت هذه، يعني الحبل على عاتقي، فسقيت معكم »(2) .
يقول: -عليه الصلاة والسلام- فأذن للعباس، وهذا يدل على أن المبيت بمنى واجب؛ لأنه رخص، والرخصة لا تكون إلا عن شيء واجب، وهذا يدل أيضا على أن العذر على أنه من كان معذورا في ترك المبيت، بمعنى فلا شيء عليه ولا دم عليه، والرسول -عليه الصلاة والسلام- رخص للعباس، من أجل أنهم كانوا يسقون الحجاج، ومع أن العباس يمكن أن يقوم ولده، أو بعض ولده، بذلك فإن له أولادا كثيرين، نحو العشرة، ومع هذا أذن له -عليه الصلاة والسلام-؛ لأجل أن يقوم بهذا ومن يعينه على ذلك.
فهكذا من حصل له عذر في ترك المبيت، أو حصل له مشقة، أو يكون مع مريض أو ما أشبه ذلك، مما يعذر فيه، فإنه لا بأس بذلك، ولا شيء عليه، فالمقصود أن المبيت واجب، وإذا تركه لعذر، فلا شيء عليه، كما أذن -عليه الصلاة والسلام- للعباس بترك المبيت من أجل السقاية.
وهكذا أيضا في حكم ذلك، من كان مثلا من الحجاج يعتني بأمر من كان حاجا، وله عناية بأمر الحجاج في الطعام والسقي، ويعمل مع بعض الجهات الخيرية، فيكون يعمل ويحتاج إليه بسقي الماء، أو بعض ما يشرب من المشروبات، أو المأكولات فيحتاج إليه، فلا بأس أن يشارك، بل هو على خير، ويكون معذورا بذلك؛ لأن المعنى موجود في إعانة الحجاج، وفي تقسيم هذه المياه عليهم، أو الأكل أو غير ذلك.
(1) البخاري : الحج (1634) , ومسلم : الحج (1315) , وأبو داود : المناسك (1959) , وابن ماجه : المناسك (3065) , وأحمد (2/88) , والدارمي : المناسك (1943). (2) |