فصل في الصلاة على الميت ودفنه
فصل:وتسقط الصلاة عليه بمكلف وتسن جماعة، وقيام إمام ومنفرد عند صدر رجل ووسط امرأة، ثم يكبر أربعا، يقرأ بعد الأولى والتعوذ الفاتحة بلا استفتاح، ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الثانية، ويدعو بعد الثالثة، والأفضل بشيء مما ورد ومنه: « اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأناثنا إنك تعلم منقلبنا ومثوانا وأنت على كل شيء قدير، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام »(1) والسنة، « ومن توفيته منا فتوفه عليهما، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله وأوسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار، وأفسح له في قبره ونور له فيه »(2) .
وإن كان صغيرا أو مجنونا قال: " اللهم اجعله ذخرا لوالديه وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا، اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، وألحقه بصالح سلف المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم، وقهِ برحمتك عذاب الجحيم " ويقف بعد الرابعة قليلا، ويسلم ويرفع يديه مع كل تكبيرة، وسن تربيع في حملها وإسراع وكون ماش أمامها وراكب لحاجة خلفها، وقرب منها وكون قبر لحدا.
وقول مدخل: بسم الله وعلى ملة رسول الله، ولحده على شقه الأيمن، ويجب استقباله القبلة، وكره بلا حاجة جلوس تابعها قبل وضعها، وتجصيص قبر وبناء وكتابة ومشي وجلوس عليه، وإدخاله شيئا مسته النار، وتبسم وحديث بأمر الدنيا عنده، وحرم دفن اثنين فأكثر في قبر إلا لضرورة، وأي قربة فعلت وجعل ثوبها لمسلم حي أو ميت نفعت.
الصلاة على الميت تسقط بواحد مكلف، لو صلى عليه واحد رجل واحد بالغ عاقل مكلف فإنها تسقط عنه وإذا ترك لم يصل عليه أحد فإنهم يأثمون، وتسن الجماعة يعنى يجتمعون، ويسن الإكثار كثرة الجماعة وذلك؛ لأن كل واحد منهم يدعو له ورد حديث « ما من مسلم يصلي عليه مائة رجل لا يشركون بالله شيئا إلا شفعوا فيه »(3) وفي حديث آخر: « ما من مسلم يقوم عليه أربعون رجلا يسألون الله له المغفرة إلا غفر له »(4) أو نحو ذلك، فكثرتهم أولى.
ورد في فضل الصلاة عليه أجر كبير قال -صلى الله عليه وسلم-: « من صلى على جنازة فله قيراط ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين »(5) يعني: من الأجر كأنه حصل له هذا الأجر الكبير بصلاته على أخيه المسلم، ولا شك أن في هذا تأكيد الصلاة على الميت، وقد ورد أيضا أن من حقوق المسلم على المسلم تشييعه وإتباع جنازته إذا مات.
كانت الصلاة على الأموات في العهد النبوي في البقيع، إذا أرادوا أن يصلوا عليه حملوه حتى يكونوا عند البقيع، ثم صلوا عليه، ثم حملوه حتى يصلوا به إلى قبره ما كانوا يصلون عليه في المساجد إلا قليلا، ذكرت عائشة أنه صُلي على ابني بيضاء في المسجد، وكذلك أيضا ذكرت أنه صُلي على أبي بكر في المسجد، وكذلك أمرت بالصلاة على عبد الرحمن بن عوف في المسجد، فدل على أنه يجوز الصلاة عليه بالمسجد في هذه الأزمنة أولى وذلك؛ لأن المساجد تجمع جماعات كثيرة، ولو لم يصل عليه إلا الذين يشيعونه لكانوا قليلا؛ لذا لأجل ذلك يتأكد أن ينظر المسجد الذي أهله وجماعته كثير فيصلى عليه فيه حتى يكون ذلك أقرب إلى شفاعتهم له لكثرتهم.
ولا بأس أيضا بإعلان الصلاة عليه إذا كان له أحباب يحبون أن يصلوا عليه فيجوز الإعلان عنه في صحيفة أو في إذاعة أو نحو ذلك وتحديد وقت الصلاة عليه، وكذلك أيضا الإخبار، يخبرون بالصلاة عليه يخبر بعضهم بعضا أن فلانا توفي، وسوف يصلى عليه في المسجد الفلاني؛ لأنهم غالبا يودون أن يشتركوا في الصلاة عليه والدعاء له فلا بأس بالإخبار حتى يكثر المصلون عليه.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عرفنا أن الصلاة على الميت فرض كفاية، ورد فيه الأمر بقوله « صلوا على من قال لا إله إلا الله »(6) يعني على كل مسلم، ولكن لا يصلى على المبتدع المعلن بدعته، ولا على من وقع في شرك كالقبوريين ونحوهم الذين يجادلون عن شركهم وعبادتهم للأموات ونحوهم.
المبتدعة تترك الصلاة عليهم لذا كان -صلى الله عليه وسلم- ترك الصلاة أو هم بترك الصلاة على من عليه دين، فكذلك من يعلن بدعته ويدعو إليها، إذا علمت مثلا أنه تارك للصلاة، وتحققت ذلك فلا تصل عليه إذا كان مات وهو مصر على الترك معاند، وإذا علمت بأنه مبتدع قبوري أو رافضي أو معتزلي، يعني: من غلاة الجهمية ونحوهم فلا تصل عليه وانصح أيضا إخوتك الذين يحبون الخير ألا يصلوا عليه، لا تدعو لمن هو من دعاة الضلال، وأما من ظاهره الخير ولو كان عنده شيء من المعاصي فإنه أولى أن يصلى عليه.
ذهب بعض العلماء إلى أن تارك الصلاة إذا كان متكاسلا غير جاحد أو كان مثلا يصلي أحيانا أو يصلي الجمعة قالوا: هذا أولى أن يصلى عليه ويترحم عليه وذلك؛ لأنه مات وهو مسلم نقول: من باب الزجر.
موقف الإمام إذا كان الذي يصلي عليه فردا واحدا، أو إذا كان هناك إمام فإنه يقف عند صدر الرجل وقيل: عند رأسه والرأس والصدر متقاربان، يكون وقوفه عند الصدر، وقد يستر الرقبة والرأس، وذلك ليدعو له فإنه أولى بأن يوقف عند ذلك، أما المرأة فإنه يقف عند وسطها أي: عند عورتها يعني: هكذا ورد في الحديث في موقف الرجل مع الموقف من الرجل والموقف من المرأة.
التكبيرات على الجنائز أربع تكبيرات، لكن يجوز إن زاد المناسبة الزيادة عليها فقد روي أن التكبير خمسا وروي ستا وأكثر ما روي سبعا، ثبت في صحيح البخاري أن عليا -رضي الله عنه- « كبر على سهل بن حنيف ستا وقال: إنه بدري »(7) أي: أن له ميزة وله فضيلة وهو كونه من أهل بدر يعني من حضر غزوة بدر فرأى بذلك العلماء أن صاحب الفضل يزاد عليه أي يجوز أن يكبر عليه خمس أو ست أو سبع، ولكن المتقرر والمعتاد والأكثر أربع تكبيرات.
بعد التكبيرة الأولى: يقرأ الفاتحة بلا استفتاح لا يستفتح " بسبحانك اللهم" ولا بـ "اللهم باعد بيننا وبين خطايانا" بل يستعيذ ويبسمل ويقرأ الفاتحة، واختلفوا هل يزيد عليها؟ روي في بعض الأحاديث أنه قرأ الفاتحة وسورة، وأنكر بعضهم ذكر السورة رواها البيهقي، وقال: ذكر السورة غير محفوظ، وناقشه بعض المتأخرين، وذكروا أنه محفوظ، وأنه مروي من طرق ثابتة، وبكل حال لم تذكر السورة في الكتب الصحيحة، فإن زادها فلا بأس.
بعد التكبيرة الثانية: الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- نصف التشهد، اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم، وإن شاء قال: على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.
بعد التكبيرة الثالثة: الدعاء للميت، ويسن أن يدعو بما ورد، ذكر المؤلف هذا الدعاء؛ لأنه مأثور ووارد، الدعاء العام والدعاء الخاص، الدعاء العام قوله: « اللهم اغفر لحينا وميتنا …إلخ »(8) والدعاء الخاص قوله: « اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه …إلخ »(9) كما في حديث مالك بن عوف، الأحاديث في الأدعية مأثورة وصحيحة ومشتهرة أنه يدعى للميت، ويجوز الدعاء بغير ما هو ورد، فقد روى أبو داود قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: « إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء »(10) يعني: ادعوا له بدعاء كثير خالص ليكون ذلك أقرب إلى الإجابة فإنه قد انقطع عمله فيحب أن يزوده إخوته بهذه الأدعية الواردة وما يلحق بها.
روي أيضا زيادة على هذه الأدعية مثل الحديث الذي فيه « اللهم أنت ربه وأنت خلقته وأنت قبضت روحه وأنت أعلم بسره وعلانيته جئنا شفعاء إليك فاغفر له، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه، اللهم إنه عبدك وابن عبدك نزل بجوارك وأنت خير منزول به ولا نعلم إلا خيرا، اللهم إنك غني عن عذابه وهو فقير إلى رحمتك ومغفرتك »(11) أو ما أشبه ذلك فليس هناك تحديد لعموم هذا الحديث أخلصوا له الدعاء فيكثر من الدعاء بما تيسر.
الدعاء للصغير وغير المكلف مثل ما ورد في هذا الحديث مثل ما ورد هنا: اللهم اجعله ذخرا لوالديه وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا، اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما، وألحقه بصالح سلف المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم، وقه برحمتك عذاب الجحيم .
الفرط في قوله: ( وفرطا ) هو الذي يتقدم الوراد، القوم إذا وردوا على الماء أرسلوا واحدا يهيئ لهم المورد، ويسمونه فرطا وفي الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: « أنا فرطكم على الحوض »(12) وسمي الطفل فرطا؛ لأنه يتقدم أبويه يهيئ لهما المدخل يعني دخول الجنة؛ فلذلك سمى فرطا، والذخر الشيء الذي يدخر للآخرة ونحوها والشفيع الذي يشفع في أبويه، يثقل به موازينهما؛ لأنه ورد في الحديث « أن رجلا خف ميزانه فجاءه أفراطه فثقلوا ميزانه »(6) والدعاء بكونه في كفالة إبراهيم في حديث سمرة الذي في صحيح البخاري في الرؤية أنه قال: ورأيت إبراهيم -عليه السلام- وإذا عنده خلق كثير من أولاد المسلمين في كفالته يعني أطفال المسلمين، يقف بعد الرابعة هل يدعوا بعدها أم لا ؟.
ذكر بعضهم أنه يدعوا بعدها ورد في بعض الأحاديث أنه وقف وأطال حتى ظنوا أنه يكبر خامسة ولا شك أن وقوفه لا بد أن يكون فيه دعاء، ذكر النووي في رياض الصالحين أنه يستحب أن يقول بعد الرابعة: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله، بعد ذلك يسلم، والصحيح أنها تكفيه تسليمة واحدة، وإن سلم اثنتين فلا حرج، المعتاد أن التسليمة الواحدة يحصل بها الخروج.
التكبيرات مثل تكبيرات العيد زوائد يرفع يديه مع كل تكبيرة روي ذلك عن عبد الله بن عمر أنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة من صلاة الجنائز، ولا شك أن ذلك دليل على أنه من السنة.
بعد ذلك حمل الجنازة بعدما يصلى عليها لا بد أنها تحمل إلى القبر، كانوا يحملونها على الأكتاف، ويجوز حملها على الدابة، وكما في هذه الأزمنة تحمل أيضا على السيارة وإن كانوا يستحبون أن يحملها أربعة، وأن كل واحد يحمل مع الجهات الأربع حتى يكون قد حملها، فيحمل مع الجانب الأيمن المتقدم ويجعله على كتفه الأيسر، ثم يتأخر ويحمل الجانب الأيمن المؤخر ويجعله على كتفه الأيسر، ثم ينتقل فيحمل الجانب المقدم الأيسر يحمله على كتفه الأيمن، ثم المؤخر الأيسر يحمل على كتفه الأيمن ليكون كأنه حملها كلها، يعني: ليكون قد حملها؛ لأنه لما حمل من كل جهة حمل ربع النعش فيكون حملها كلها، هذا من التربيع ويسن التربيع في حملها، وأما الإسراع فاستدلوا عليه بقوله -صلى الله عليه وسلم- « أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم »(13) .
أخذ بعضهم بظاهر الحديث، وقال: الإسراع هو شدة السير، وإذا حملوها فإنهم يسرعون في حملها ويسيرون سيرا سريعا حتى قالوا: إنه مر بالجنازة، وكأنها تمخض مخضا، ولكن إذا كان ذلك فيه مشقة سيما إذا كان المكان بعيدا فإنه لا يشقون أو لا يكلفون على أنفسهم، يسيرون سيرا هادئا،معلوم أنهم بالسيارات لا يتمكنون من الإسراع إلا السير المعتاد لشدة الزحام ولكثرة السيارات فيسيرون السير الذي يمكنهم بحسب اتساع الطريق أو ضيقه، القول الثاني: أن الإسراع في حديث: « أسرعوا بالجنازة »(14) يراد به الإسراع بالتجهيز يعني لا تحبسوها كما ذكرنا في قوله -صلى الله عليه وسلم-: « لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله »(15) فيكون المراد: أسرعوا بتجهيزها ويكون قوله: « تضعونه عن رقابكم »(16) يعني تضعونه أي: تتخلصون منه، شيء أنتم ملزمون به فتتخلصون منه؛ لأنه ليس الكل يحملونها على رقابهم، إنما الذي يحملها عادة أربعة أو نحوهم.
يسن كون الماشي أمامها والراكب خلفها، ويجوز الركوب لحاجة إذا كان مثلا المكان بعيدا كانوا يحملونها على الرقاب، والأصل أيضا أنه مباح المشي خلفها والمشي أمامها، والأكثر والمعتاد أنهم يمشون خلفها وأن ذلك هو العادة؛ ولذلك أو بذلك يفسر التبع في قوله: « ومن تبعها حتى تدفن »(17) دل على أنهم يتبعونها وأنهم يكونون خلفها، في هذه الأزمنة أو في هذه البلاد يوجد السيارات لا يتمكن من كل أحد تحقيق مراده التقدم والتأخر على حسب ما يتيسر، كذلك القرب منها، يعني: كونه قريبا منها إذا كانت محمولة هذا أيضا يتيسر إذا كانت محمولة على الأعناق، وأما إذا كانت على السيارات ففي ذلك شيء من الصعوبة.
اللحد أفضل من الشق:
اللحد: هو أنهم إذا حفروا القبر ووصلوا إلى منتهاه لحدوا له يعني: حفروا في الجانب الذي يلي القبلة حفروا في أحد جوانب القبر ما يكفي لإدخال الميت فيه، أما الشق فإنهم إذا وصلوا إلى قعره شقوا في وسطه شقا بقدر الميت، ثم صفوا عليه اللبن صفا، وأما اللحد فإنهم ينصبون عليه اللبن نصبا بحيث تكون كل لبنة تعتمد على قعر القبر، وتعتمد على طرف اللحد فينصب نصبا في حديث: أن سعدا قال: « الحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما فعل برسول الله -صلى الله عليه وسلم- »(18) - وفيه حديث « اللحد لنا والشق لغيرنا »(19) وإن كان فيه ضعف.
يقول الذي يدخله: بسم الله وعلى ملة رسوله الله، يقول ذلك عندما يدليه، وكذلك عند الكفن يقولون: بسم الله وعلى ملة رسول الله، وذلك إشارة إلى أنهم متبعون في ذلك للسنة، كذلك يوضع على شقه الأيمن في لحده ووجهه إلى القبلة لحديث: « قبلتكم أحياء وأمواتا »(20) يعني الكعبة يجب أن يوجه إلى القبلة على شقه الأيمن. يقول: يكره جلوس تابعها بلا حاجة: جلوس تابعها قبل وضعها، وقد كانوا يؤمرون بأن يقوموا إذا رأوا الجنازة، إذا مرت بهم جنازة وقفوا وقوفا حتى مرت بهم، « مرت وهم مع النبي -صلى الله عليه وسلم- جنازة فوقف فقالوا: إنها جنازة يهودي فقال: أليست نفسا؟ »(21) وفي حديث آخر « إنما نقوم هيبة للموت »(6) أو إن للموت فزعة فكانوا يستحبون أن يقوموا، ثم هذا من باب استحباب لا أنه من باب الوجوب.
يكره جلوس تابعها قبل وضعها بعد الدفن، يشرع أن يحثوا قبل رأسه ثلاث حيثات يحثي على القبر بسم الله وعلى ملة رسول الله ثلاثا إذا تيسر له ذلك.
يكره وقيل: يحرم تجصيص القبور والبناء عليها والكتابة عليها والمشي والجلوس عليها،الصحيح أن هذا كله محرم، ورد أنه -صلى الله عليه وسلم-: « نهى أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها »(22) والنهي في الأصل للتحريم، ولعل السبب في ذلك أنه إذا جصص أو بني ورفع كان ذلك سببا للغلو فيه، وقد يعتقد العامة أنه ذو جاه وأنه ذو مكانة فيتبركون به ويدعونه فيقع الشرك، هذا هو السبب؛ ولذلك في حديث علي لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته يعني سويته بسائر القبور وأزلت ارتفاعه حتى يكون مثل سائر القبور القبر يرفع قدر شبر أو نحو ذلك إذا خيف مثلا أنه يحفر ليكون ذلك علامة على أنه قبر، فأما البناء عليه ورفعه فإن ذلك داخل في النهي، وكذلك كتابة اسمه عليه على الحجر أو نحو ذلك الأصل أن ذلك لا يجوز، وإذا وجد فإنه يمحى.
المشي عليه:
المشي على القبور يعني: الوطء عليها تعمدا، وكذلك الجلوس عليها قال -صلى الله عليه وسلم-: « لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر »(23)
قال صلى الله عليه وسلم: « لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلي جلده خير له من أن يجلس على قبر »(24) ولا يجوز إدخال القبر شيئا مسته النار، يتساهل بعضهم ليدخل فيه شيئًا من البلك مثلا، أو البلاط، وهو مما مسته النار يقتصر على ذلك اللبِن، أو على الحجارة، أو على أعواد، أو نحوها.
يكره بِتَأَكُّدٍ أن يخوضوا في حديث في الدنيا، وهم عند القبر، وكذلك الضحك وشدة التبسم؛ لأنهم في حالة يذكرون فيها الموت، ويجهزون بها أخا لهم ميتا، فكونهم يخوضون في الدنيا، ويتبسمون ويضحكون إشعار منهم أنهم لم يستعدوا للموت وأن ليس للموت فزع.
يحرم دفن اثنين، أو أكثر في قبر واحد إلا لضرورة كما حصل في غزوة أحد لقتلى أحد؛ لما للمسلمين من الجراح؛ كانوا يدفنون الاثنين في قبر وذلك لضرورة؛ فإذا لم يكن هناك ضرورة؛ فإن كل واحد يُفْرَد في قبر وحده.
قوله: "أي قربة فعلها وجعل ثوابها للمسلمين حي، أو ميت نفعته". هذا هو القول الصحيح أنه يجوز أن يهدى للميت كثير من الأعمال فتنفعه. إذا حججت ونويت حجك عنه، أو عمرتك، أو صدقتك، أو دعاءك، أو جهادك، أو نحو ذلك.
اختلفوا في القراءة وفي الصلاة، والأكثر على أنه يجوز أن تهدى إليه صلاة، أو قراءة تقول إذا قرأت سورة، أو خاتمة: اللهم اجعلها ثوابها لفلان سواء كان حيا، أو ميتا، ومنع ذلك كثيرون ويستدل لقوله تعالي: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾25 ولكن الصحيح أن الآية في الملكية أي: ليس له الملكية إلا لما سعاه، فلا يستطيع أن يملك أعمال غيره؛ لكن إذا أهديت إليه فإنها ملكه وإنها له.
(1) الترمذي : الجنائز (1024) , والنسائي : الجنائز (1986) , وأحمد (4/170). (2) مسلم : الجنائز (963) , والترمذي : الجنائز (1025) , والنسائي : الجنائز (1984) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1500) , وأحمد (6/23). (3) مسلم : الجنائز (947) , والترمذي : الجنائز (1029) , والنسائي : الجنائز (1991) , وأحمد (6/32). (4) مسلم : الجنائز (948) , وأحمد (1/277). (5) البخاري : الجنائز (1325) , ومسلم : الجنائز (945) , والترمذي : الجنائز (1040) , والنسائي : الجنائز (1995) , وأبو داود : الجنائز (3168) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1539) , وأحمد (2/401). (6) (7) البخاري : المغازي (4004). (8) الترمذي : الجنائز (1024) , والنسائي : الجنائز (1986) , وأحمد (4/170). (9) مسلم : الجنائز (963) , والترمذي : الجنائز (1025) , والنسائي : الجنائز (1984) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1500) , وأحمد (6/23). (10) أبو داود : الجنائز (3199) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1497). (11) أبو داود : الجنائز (3200). (12) البخاري : الرقاق (6575) , ومسلم : الفضائل (2297) , وأحمد (5/393). (13) البخاري : الجنائز (1315) , ومسلم : الجنائز (944) , والترمذي : الجنائز (1015) , والنسائي : الجنائز (1911) , وأبو داود : الجنائز (3181) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1477) , وأحمد (2/240) , ومالك : الجنائز (574). (14) البخاري : الجنائز (1315) , ومسلم : الجنائز (944) , والترمذي : الجنائز (1015) , والنسائي : الجنائز (1911) , وأبو داود : الجنائز (3181) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1477) , وأحمد (2/240) , ومالك : الجنائز (574). (15) أبو داود : الجنائز (3159). (16) البخاري : الجنائز (1315) , ومسلم : الجنائز (944) , والترمذي : الجنائز (1015) , والنسائي : الجنائز (1911) , وأبو داود : الجنائز (3181) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1477) , وأحمد (2/240) , ومالك : الجنائز (574). (17) صحيح مسلم : كتاب الجنائز (945). (18) مسلم : الجنائز (966) , والنسائي : الجنائز (2008) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1556) , وأحمد (1/184). (19) الترمذي : الجنائز (1045) , والنسائي : الجنائز (2009) , وأبو داود : الجنائز (3208) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1554). (20) أبو داود : الوصايا (2874). (21) البخاري : الجنائز (1313) , ومسلم : الجنائز (961) , والنسائي : الجنائز (1921). (22) مسلم : الجنائز (970) , والترمذي : الجنائز (1052) , والنسائي : الجنائز (2028) , وأبو داود : الجنائز (3225) , وأحمد (3/339). (23) مسلم : الجنائز (971) , والنسائي : الجنائز (2044) , وأبو داود : الجنائز (3228) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1566) , وأحمد (2/389). (24) مسلم : الجنائز (971) , والنسائي : الجنائز (2044) , وأبو داود : الجنائز (3228) , وابن ماجه : ما جاء في الجنائز (1566) , وأحمد (2/389). (25) سورة الن@�� @�� |