كتاب الصيام
ما يثبت به شهر رمضان
كتاب الصيام: يلزم كل مسلم مكلف قادر برؤية الهلال، ولو من عدل أو بإكمال شعبان، أو وجود مانع من رؤيته ليلة الثلاثين منه كغيم وجبل وغيرهما، وإن رؤيا نهارا فهو للمقبلة، وإن صار أهلا لوجوبه في أثنائه، أو قدم مسافر مفطرا، أو طهرت حائض، أمسكوا، وقضوا.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتاب الصيام: وهو الركن الرابع، يعني قبله ركن الشهادة، وركن الصلاة، والزكاة. أجمع المسلمون على أنه فريضة؛ أن صوم رمضان فرض على كل مسلم، لا يلزم إلا المسلم فلا يلزم الكافر، ولا يصح منه، ولا يلزم إلا المكلف، فلا يلزم المجنون، ولا الصغير، لكن يدرب عليه الصغير في صغره، حتى يألفه، إذا كُلف، ولا يلزم العاجز كالمريض ونحوه ممن يشق عليه.
متى يجب صوم رمضان ؟.
برؤية الهلال، أو بإكمال عدة شعبان، هذا متفق عليه؛ إذا رؤي الهلال -هلال رمضان-، أو كملوا شعبان ثلاثين يوما، فإنهم يلزمهم الصيام.
كم يكفي للرؤية ؟.
الأكثرون على أنه يكفي واحد لرؤية هلال رمضان، وأما هلال شوال فلا يكفي إلا اثنان عدلان؛ يكتفى بواحد في رؤية هلال رمضان؛ ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- « جاء أعرابي فقال: إني رأيت الهلال. قال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟. قال: نعم. فأمر بلال أن يؤذن بالصوم »(1) .
ثم هناك سبب ثالث ذكره بقوله: أو جود مانع لرؤية هلال الثلاثين منه كغيم وجبل وغيرهما، هذه المسألة مختلف فيها؛ إذا كان ليلة الثلاثين وحال دونه غيم، أو قطر، أو مانع كجبل فهل يصومون أم لا ؟
المشهور عند الإمام أحمد أنهم يصومون، والراجح من حيث الدليل أنه لا يصام، واستدل الإمام أحمد بحديث عن ابن عمر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمّ عليكم فاقدروا له »(2) وقالوا: اقدروا له، يعني: ضيقوا عليه، واستدلوا بأن القدر بمعنى التضييق بقوله - تعالى-: ﴿ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ﴾(3) واستدلوا أيضا بأن ابن عمر إذا كان ليلة الثلاثين أرسل من ينظر إليه، أرسل أربعة، أو عشرة وقال: انظروا إلى الهلال، فإن كانت صحوا ولم يروه، أصبح مفطرا يوم الثلاثين، فإن رأوا الهلال صام، فإن كان هناك غيم أو قطر حال دون أن يروه أصبح صائما، فجعلوا فعل ابن عمر تفسيرا لقوله: « فاقدروا له »(2) .
ولكن إذا نظرنا إلى بقية الأحاديث، وبقية الروايات رأينا أن الأكثر، أكثر الروايات، على أن القدر بمعنى الإتمام، ورد في رواية: « فاقدروا له ثلاثين »(4) وفي رواية: « فأكملوا عدة شعبان ثلاثين »(5) وفي رواية: « فأكملوا العدة »(6) .
هذا هو الصحيح، يقول: الرؤية نهارا فهو لليلة المقبلة، لكن لا يعتد إلا إذا رئي متأخرا عن الشمس، فأما إذا رئي أمام الشمس فإنه لا تعتبر هَلّ، إنما يكون هلالا إذا رئي بعد غروب الشمس، أو رئي في النهار، وقد سبقته الشمس، عُرف بأنها تغيب قبله.
يقول: ومن صار أهلا لوجوبه في أثنائه أمسك وقضى؛ صورة ذلك: إذا قدر -مثلا- أن إنسانا صغيرا يعني: ابن إحدى عشر أو اثني عشر سنة، في أثناء النهار مفطر في رمضان، نام في النهار فاحتلم نقول له: أمسك بقية يومك، واقضه إذا انتهى رمضان، وصم بقية الشهر، وكذلك الفتاة مثلا إذا حاضت في أثناء النهار، نقول لها: إن هذا النهار الذي حاضت فيه قد تمت فيه، وقد بلغت، فيلزمها قضاؤه.
وكذلك الفتاة مثلا إذا حاضت في أثناء النهار نقول: هذا النهار الذي حاضت فيه، قد تمت فيه، وقد بلغت فيلزمها قضاؤه، وكذلك مثلا إذا طهرت الحائض في أثناء النهار أصبحت مفطرة في وقت الحيض، ولما كان مثلا في نصف النهار طهرت، واغتسلت تمسك بقية النهار، ومع ذلك تقضي ذلك اليوم الذي طهرت في أثنائه، وكذلك المسافر إذا قدم في وسط النهار، وهو مفطر قدم بلده، فإنه يمسك بقية نهاره، ويلزمه القضاء، وكذا المريض إذا صحا في نهاره إذا شفي في وسط النهار، وهو مفطر لزمه الإمساك بقية يومه ولزمه القضاء.
(1) الترمذي : الصوم (691) , والنسائي : الصيام (2113) , وأبو داود : الصوم (2340) , وابن ماجه : الصيام (1652) , والدارمي : الصوم (1692). (2) البخاري : الصوم (1900) , ومسلم : الصيام (1080) , والنسائي : الصيام (2121) , وأبو داود : الصوم (2320) , وأحمد (2/5) , ومالك : الصيام (634) , والدارمي : الصوم (1684). (3) سورة الطلاق: 7 (4) مسلم : الصيام (1080) , وأبو داود : الصوم (2320). (5) البخاري : الصوم (1909). (6) البخاري : الصوم (1907). |