فصل في أحكام الاعتكاف ولواحقه
فصل: والاعتكاف سنة ولا يصح ممن تلزمه الجماعة إلا في مسجد تقام فيه، إن أتى عليه صلاة، وشرط له طهارة مما يوجب غسلا، وإن نذره، أو الصلاة في مسجد غير الثلاثة، فله فعله في غيره، وفي إحداها فله فعله فيه وفي الأفضل، وأفضلها المسجد الحرام ثم مسجد النبي -عليه السلام- فالأقصى، ولا يخرج مَن اعتكف منذورا متتابعا إلا لما لا بد منه ولا يعود مريضا، ولا يشهد جنازة إلا بشرط، ووطء الفرج يفسده، وكذا إنزال بمباشرة، ويلزم لإفساده كفارة يمين، وسن اشتغاله بالقُرَب واجتناب ما لا يعنيه.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بدأ في الاعتكاف :
يذكرون الاعتكاف بعد الصيام اقتداء بالكتاب العزيز، فإن الله -تعالى- لما ذكر الصيام أتبعه بالاعتكاف بقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾(1) والاعتكاف: لزوم مسجد لطاعة الله هذا هو الاعتكاف في الشرع، فلا بد أن يكون في مسجد حتى لا تفوت المعتكف الجمعة والجماعة؛ لأن التفرغ والوحدة التي تُفَوِّت صلاة الجماعة لا خير فيها.
والقصد من الاعتكاف أن يتفرغ للتزود من العبادة؛ فلأجل ذلك المعتكف يكون منفردا في زاوية من المسجد مشتغلا بأنواع الطاعة فيقرأ القرآن، ويكثر من تدبره، ويكثر من ذكر الله -تعالى- بأنواع الذكر ويكثر من الأدعية؛ رجاء إجابتها.
ويشتغل بالصلوات النوافل، ويكثر من التقرب بها إلى الله -تعالى- ويعتزل مجالسة العامة والخوض في الدنيا، وفي أمورها الخاصة، ويصون لسانه عن الكلام السيئ الذي ينافي العبادة. ولا يهتم بأمور الدنيا ولا ينشغل بشيء من ملذاتها، ولا يهتم بالسؤال عن شيء من أمور الدنيا من أمواله، أو نحوه إلا لضرورة.
وهو سنة مؤكدة، ثبت « أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله »(2) ما ترك الاعتكاف إلا سنة من السنين ثم قضاه في شوال « دخل مرة معتكفه، وأمر أن يبنى له خباء في جانب المسجد فبني له خباء يستظل به، فاستأذنته عائشة أن تعتكف وتبني لها خباء، فلما رأتها حفصة بنت أيضا خباء ثم رأتهن أيضا زينب فبنت خباء فلما انصرف من صلاة الصبح، وإذا المسجد قد امتلأ بتلك الأخبية وضيقوا على المصلين، فعرف أن هذا من باب المنافسة، فأمر بها فقوضت وترك الاعتكاف تلك السنة، واعتكف في شوال عشرة أيام »(3) .
لأنه أحب أن يداوم على هذه العبادة، والاعتكاف سنة، ولكنه يجب بالنذر إذا نذر أن يعتكف لزمه الوفاء بنذره ممن يصح الاعتكاف يصح ممن تلزمه الجماعة، وهو المسلم الحر البالغ العاقل، فلا يصح الاعتكاف من الكافر، ولا يصح من الصغير، ولا من المجنون ولا يصح من العبد إلا بإذن سيده؛ لأنه مملوكة عليه منافعه، كذلك أيضا اشترط أن يكون في مسجد قال تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾(1) .
ولا بد أن يكون ذلك المسجد تصلى فيه الجماعة، تقام فيه صلاة الجماعة، وإذا كان يتخلل اعتكافه جمعة اختير أيضا أن يعتكف في مسجد فيه جمعة حتى لا يخرج؛ لأنه لو اعتكف مثلا في مسجد لا يصلى فيه احتاج أن يخرج كل وقت كل يوم خمس مرات، وكثرة الخروج تنافي الاعتكاف.
فإذا كان في مسجد تقام فيه الجماعة فإنه يصلي فيه ولا تفوته الجماعة، ولا يخرج من معتكفه، ثم يشترط أيضا الطهارة مما يوجب غسلا، فلا يعتكف في المسجد وهو جنب، وإذا قدر أيضا أنه إذا احتلم خرج فورا واغتسل، ثم ذكرنا أن الاعتكاف يجب بالنذر، إذا نذر أن يعتكف وجب عليه الوفاء وخالف في ذلك الحنفية، وقالوا: لا يجب الوفاء بالنذر إلا في أشياء جنسها واجب بأصل الشرع، والاعتكاف ليس فيه جنس واجب بأصل الشرع فيجب عندهم الوفاء بنذر الصلاة؛ لأن منها ما هو فرض والوفاء بنذر الصوم؛ لأن هناك صوم الفرض والوفاء بالصدقة؛ لأن هناك زكاة الفرض والوفاء بالحج إذا نذره.
وأما الاعتكاف فلا يجب عندهم والصحيح أنه يجب لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم -: « من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه »(4) فإذا نذر طاعة وجب عليه الوفاء، والاعتكاف طاعة فيجب عليه الوفاء سواء كان النذر مطلقا، أو معلقا، فإذا قال مثلا: إن رزقت ولدا فلله عليَّ أن أعتكف عشرا في هذا الشهر" ثم رزق ولدا وجب عليه الوفاء وذلك؛ لأنه ألزم به نفسه وتحقق الشرط.
وكذلك إذا لم يعلق بأن قال ابتداء: "لله عليَّ أن أعتكف في هذا الشهر يوما، أو عشرا، أو نحو ذلك" ثم اختلف في أقل الاعتكاف أقل مدته فقيل: يكفي أن يعتكف ساعة، ستين دقيقة، وقيل: أقله يوم، أو ليلة، ولعل هذا هو الأقرب.
وذلك لأن في حديث عمر -رضي الله عنه- أنه قال: « يا رسول الله، إني نذرت أن أعتكف يوما في المسجد الحرام »(5) وفي رواية « ليلة فقال: "أوف بنذرك" »(6) فعلى هذا أقل مدة للاعتكاف اثنا عشر ساعة يوم بدون ليلة، أو ليلة بدون يوم.
فأما اعتكاف ساعة فلا يسمى اعتكافا؛ لأن الاعتكاف في الأصل هو طول الملازمة طول الإقامة في المكان الذي يجلس فيه، قد كان المشركون يعكفون عند معبوداتهم كما في قولهم: ﴿ نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ﴾(7) يقيمون عندها يوما، أو أيام.
وكذلك قول إبراهيم -عليه السلام-: ﴿ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴾(8) والحاصل أنه إذا أراد أن يعتكف فلا أقل من يوم، أو ليلة ثم إذا نذره في مسجد غير المساجد الثلاثة لن يلزمه فيه، بل يجوز في غيره. مثال ذلك: إذا نذرت وقلت: لله عليّ أن أعتكف في هذا المسجد يوما لا أخرج منه" جاز لك أن تعتكف في المسجد الثاني الذي يقع جنوب، أو يقع شمال جاز لك أن تعتكف في كل مسجد يوم؛ لأن القصد هو العبادة، والمسجد ليس له مزية، ليس لهذا مزية على هذا، كلاهما كلها مساجد تصح فيها العبادة.
أما إذا خص المساجد الثلاثة فإنه يلزمه فيه المساجد الثلاثة هي التي تشد إليها الرحال فمن عيَّن أفضل لزمه أفضل المساجد الثلاثة المسجد الحرام؛ لأن الصلاة فيه بمائة ألف ثم يليه المسجد النبوي الصلاة فيه بألف، ثم المسجد الأقصى الصلاة فيه بخمسمائة.
روي أن رجلا قال: « يا رسول الله، إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أعتكف في المسجد الأقصى، أو أن أصلي في المسجد الأقصى فقال: صلها هنا »(9) يعني مسجد مكة يعني أنه أفضل إني نذرت في ذلك المسجد … كرر ذلك عليه ثم قال: « شأنك إذا »(10) إذا اخترت ذلك فلك ذلك، فمن نذر أن يعتكف، أو يصلي في المسجد الأقصى جاز له أن يقضي نذره، أو صلاته في المسجد النبوي؛ لأنه أفضل، ومن نذر أن يصلي، أو يعتكف في المسجد النبوي جاز له أن يصلي أو يعتكف في المسجد الحرام؛ لأنه أفضل.
ومن نذر أن يصلي، أو يعتكف في المسجد الحرام لم يجرئه في غيره؛ لأنه ليس هناك ما هو أفضل منه، فأما المساجد الأخرى فإن بعضها ينوب عن بعض. إذا نذر مثلا أن يصلي، أو يعتكف في المسجد النبوي، فلا يقوم غيره مقامه، فإن نذر أن يعتكف، أو يصلي مثلا في مسجد قباء، جاز أن يصلي، أو يعتكف في غيره من المساجد في المدينة مثلا، أو في مسجد دمشق المسجد الأموي في الشام، أو مسجد عمرو بن العاص في مصر مثلا، وقال: هذا مسجد له مزية وهو قديم يجزئ في غيره من بقية المساجد.
والحاصل أنه إذا نذر في مسجد غير الثلاثة صلاة أو نذرا، فإنه يجزئه في غيره، وأما في الثلاثة فلا بد أن يجزئ في أحدها، وإن عيَّن الأفضل لم يجزئه في غيره، الأفضل هو مسجد مكة المسجد الحرام، أفضل المساجد، المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي -صلى الله عليه وسلم- ثم المسجد الأقصى، مسجد بيت المقدس.
ثم يقول: لا يخرج من اعتكف منذورا متتابعا إلا لما لا بد منه، إذا كان النذر واجبا وجب الوفاء به، إذا نذر شيئا واجبا أوجب على نفسه وجب الوفاء به، فإذا نذر صدقة وجب الوفاء بها، وإذا نذر صلاة وجب الوفاء بها، وإذا نذر ذكرا، أو صوما، أو اعتكافا وجب الوفاء به.
فإذا نذر صياما متتابعا فإنه يلزمه التتابع إلا لعذر، وإذا نذر اعتكافا متتابعا وجب عليه الوفاء به والتتابع، فإذا قال: -مثلا- أن أعتكف في هذا الأسبوع، الأسبوع سبعة أيام، فإنه يجب عليه أن يتابع هذا الأسبوع، ولا يقل: أعتكف يوما، ++أو أخرج مما أعتكف، ثم أعتكف يوما ثانيا حتى أتم سبعة؛ لأن هذا تسمى++ أسبوعا، ثم المعتكف لا يخرج إلا لما لا بد منه يخرج مثلا لقضاء حاجة الإنسان كالبول ونحوه ويخرج للطهارة إذا لم يكن هناك في المسجد ما يتطهر به ويخرج للأكل إذا لم يجد ما يأكله ولم يأت ما يأكله، أو يخرج لإحضار الطعام، ولكن يقتصر على قدر الحاجة.
واختلف هل يشترط مع الاعتكاف صوم فيه خلاف، والصحيح أنه لا يلزم والحديث الذي فيه: « لا اعتكاف إلا بصوم »(11) لم يثبت، والدليل على أنه يصح بدون صيام حديث الحديث الذي ذكرناه عن عمر أنه نذر أن يعتكف ليلة، والليلة ليس محلا للصوم فدل على أنه يصح بلا صوم، وسبب ذلك أنه عباده مستقلة. الاعتكاف هو التفرغ للعبادة إن تيسر الصيام معه فهو أفضل، إذا كان في رمضان فيلزم لأن رمضان واجب صومه بأصل الشرع، وإن اعتكف في غير رمضان سن أن يعتكف صائما.
هل المعتكف يعود مريضا، أو يشهد جنازة؟ والصحيح أنه لا يفعل ذلك إلا إن اشترط إذا اشترط في النذر مثلا نذر لله عليَّ نذر أن أعتكف في هذا المسجد أسبوعا وأن أعتكف في هذا الأسبوع خمسة أيام فلا يخرج لا لعيادة مريض ولا لشاهدة ميت، أو تشيعه إلا إذا اشترط بأن قال: بشرط أن أعود فلانا المريض، أو أن أعود المرضى من أقاربي، أو أن أشهد من مات منهم وأشيعه فله شرطه؛ لأن المسلمين على شروطهم.
متى يفسد الاعتكاف يفسده الوطء؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾(1) عبر بالمباشرة عن الوطء وكذا لو أنزل بالمباشرة، الوطء يعني الوطء الصريح، ولو لم يحدث إنزال، والإنزال الذي سببه التقبيل مثلا، أو الضم، أو المباشرة دون الفرج فحصل في ذلك إنزال فسد اعتكافه، فإذا كان منذورا لزمه قضاؤه ولزمه مع القضاء كفارة، كفارة يمين؛ لأنه ما وفى بنذره وإذا كان معينا، المعين مثلا كأن يقول: لله عليّ أن أعتكف العشر الأول مثلا من شهر ربيع الثاني حددها العشر الأول، ثم أفسد منها يوما بالإنزال، أو بالجماع نقول له: كمِّل اعتكافك واقض ذلك اليوم وكفِّر كفارة يمين؛ وذلك لأنك ما وفيت بالشرط كما ينبغي.
المعتكف، ذكرنا أنه يعتزل الناس وأنه ينفرد فلا يأذن لأحد يزوره ولا يفتح الباب للزوار ولكثرة المخالطين، بل ينفرد عنهم، وإذا قُدِّر أنه زاره أحد فلا بأس أن ينبسط معه ولكن لا يتمادى معه في شيء من كلام الدنيا.
المعتكف يشتغل بالقربات ويشتغل بكثرة الذكر تسبيحا وتحميدا وتهليلا وتكبيرا واستغفارا، ويشتغل بالدعاء يكثر من دعاء الله -تعالى- ويشتغل بالصلوات في غير أوقات النهى، ولو شغل وقته كله بالصلوات، ويشتغل بالقراءة ولو ختم كل يوم ويتجنب ما لا يعنيه، يعني: الكلام الذي لا أهمية له، فلا يتكلم في شيء من أمور الدنيا ولا يتكلم في فلان، أو فلان، ولا يتكلم في حالات الناس، ولا في أسرارهم، ولا في مبايعاتهم، ولا في الحوادث التي تحدث، يتجنب ذلك كله حتى يكتب له في اعتكافه عملا صالحا نكتفي بهذا، والله أعلم وصلى الله على محمد.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
س: هذا الطالب يقول: فضيلة الشيخ -أحسن الله إليكم- طالب كان يدرس في بلد يطول فيها النهار ويقصر فيها الليل حيث يمسكون في شهر رمضان عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل ويفطرون عند الساعة التاسعة ليلا، ولطوله لم يصم هذا الطالب الشهر كله فماذا عليه؟ وجزاكم الله خيرا
ج: يلزمه إذا أفطر أياما معلومة فلا بد من قضاء تلك الأيام التي يعرفها، ولو كان لهذا العذر؛ فإن هذا العذر لا يُسَوِّغ له أن يفطر شيئا من أيام رمضان وهو مكلف.
س: امرأة دخل عليها وقت صلاة العشاء فأخرتها للساعة العاشرة ليلا، فأتتها العادة، فماذا عليها في هذه الحالة أفتونا مأجورين؟
ج: تبقى هذه الصلاة في ذمتها إذا طهرت فإنها تقضيها.
س: إذا طهرت الحائض قبل طلوع الشمس فما هي الصلوات التي يجب عليها أدائها؟
ج: إذا تطهرت قبل أن تطلع الشمس ولو بدقيقة عليها أن تقضي صلاة الفجر.
س: وهذا يقول إذا احتلم وهو صائم فماذا عليه لو أفطر وهو يجهل ذلك فما حكم ذلك؟
ج: لا يجوز له الإفطار عليه أن يغتسل لأجل الصلاة، الاحتلام لا يبطل الصيام.
س: حقيقة تكررت أسئلة كثيرة حول الجماع في نهار رمضان وما كفارة ذلك؟ نرجو من الشيخ التوضيح في هذه المسألة؛ لأن الظاهر من الاسئلة أن الإخوة يستحيون++، فنرجو من الشيخ -جزاه الله خيرا- التنبيه على هذا الامر والإسهاب فيه؟
ج:لا شك أنه يفسد الصيام وأنه يجب الكفارة؛ لأن الله -تعالى- أباح الجماع في ليل رمضان في قوله تعالى ﴿ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ ﴾(1) فدل على أن إباحة الوطء خاص بالليل لقوله: ﴿ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾(1) فمن جامع في نهار رمضان لم يكفه القضاء بل عليه مع القضاء كفارة كما سمعنا عليه كفارة مثل كفارة الظهار على الترتيب ويعتبر ذنبا.
والدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءه ذلك الرجل فـ « قال: هلكت. قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على أهلي في رمضان »(12) أقره على أن هذا هلاك، فدل على أنه ذنب يقع كثيرا من الشباب، وبالأخص في الأيام التي هي قرب زواجه يقع منه المباشرة والوطء في نهار رمضان، وهذا خطأ، عليه أن يحفظ صيامه إذا نام في نهار رمضان ينام بعيدا عن امرأته حتى لا تغلبه شهوته، والمرأة أيضا عليها أن تنام في مكان بعيد إذا عرفت أنه لا يملك نفسه إذا قربت منه، ويحفظ بذلك كل منهما صيامه عما يفسده.
س:أحسن الله إليك هذه الفتاة تقول: إنها فتاة ملتزمة، ولكن أهلها يذهبون لمدن الألعاب والملاهي، ولا تحب الذهاب معهم للأسباب الآتية: التبذير، وكثرة النساء المتبرجات، وقيام بعض النساء بالتصوير بالكاميرات، ومضيعة الوقت فما هو توجيهكم لها؟ وجزاكم الله خيرا.
ج: لا شك أن ما ذكرت صحيح أن هذه الملاهي ليس فيها إلا لهو، وشهوة هذه الألعاب التي ينصبها بعض الناس لاكتساب الأموال ويسمونها ملاهي، وهي في الحقيقة لهو، ثم فيها إضاعة المال، قد نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن « كثرة السؤال وإضاعة المال »(13) يعني صرفه في ما لا أهمية له، كذلك يشتد الأمر إذا كان فيها تصوير أن هناك من يصور الحاضرات من النساء.
كذلك أيضا إذا كان فيهن من تتكشف، وقد يكون هناك رجال كالبوابين مثلا والحراس ونحوهم، فيحصل أنها تتكشف أمامهم ولا تبالي بهم، ولو كانوا مثلا من المتعاقدين ونحوهم، فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف أمام هؤلاء ولا لغيرهم، الوقت ثمين على المرأة الناصحة لنفسها أن تحفظ وقتها في الشيء الذي ينفعها، وأن تبتعد عن الشيء الذي يضر أو لا نفع فيه ولا فائدة.
س: أحسن الله إليكم. وهذا سائل يقول هل دخان النار لمن يطبخ، أو يصلح القهوة على النار هل ذلك يفطر؟
ج: هو صحيح أنه لا يفطر هذا البخار الذي يتبخر من القهوة أو من الطعام ونحوه ولو حصل أن يشمه أو يشم رائحته لا يفطر. بخار الطعام مثلا إذا طبخ، وكذلك أيضا دخان النار قيل يضر بالإنسان حتى ولو لم يكن صائما؛ لأن دخوله مثلا في خياشيمه قد يضره، ولكن الصحيح أنه لا يضر.
س: أحسن الله إليكم، هذا سائل يقول في الحديث « للصائم دعوة عند فطره لا ترد »(14) متى تكون هذه الدعوة؟
ج: عند الإفطار يعني عندما يبدأ في الإفطار، وقبل أن يتناول شيئا يدعو بما تيسر.
س: يقول في أيام رمضان الحارة هل يجوز أن أتمضمض بالماء البارد ؟
ج: يجوز هذا، ولكن تحفظ ألا تبتلع شيئا، وألا تبالغ فيه.
س: كنت على سفري في رمضان وأفطرت عند غروب الشمس، وعندما ذهبت قليلا على طريق مرتفع رأيت أن الشمس لم تغرب كاملة، فما حكم صومي؟ وجزاكم الله خيرا
ج: نرى أن عليك القضاء؛ لأنك تسرعت حيث لم تتأنى حتى يدخل وقت الإفطار، وهو غروب الشمس.
س: هذا يقول فضيلة الشيخ سؤال هام عندي رشاش في مزرعتي أسقي به الزرع ويخرج الرشاش في دورانه فيسقي أرضا مجهولة الصاحب ولعلها للبلدية، والآن قد أثمرت الأرض فما حكم الحب المنتج من غير أرضي؟ وجزاكم الله خيرا.
ج: لا بأس في ذلك إذا كنت أنت الذي تسقيها، ولا تعرف لها أهلا إذا جاء أهلها، وطلبوا منك أجرتها، تعطيهم أجرة على ما نبت فيها من الزرع إذا كان نبت فيها زرع، وإذا لم يطلبوا شيئا فلك الزرع؛ لأنه أثر سقيك.
أحسن الله إليكم، ونفعنا بعلمكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1) سورة البقرة: 187 (2) البخاري : الاعتكاف (2026) , ومسلم : الاعتكاف (1172) , والترمذي : الصوم (790) , وأبو داود : الصوم (2462). (3) البخاري : الاعتكاف (2041) , ومسلم : الاعتكاف (1173) , والنسائي : المساجد (709) , وأبو داود : الصوم (2464) , وابن ماجه : الصيام (1771) , وأحمد (6/84). (4) البخاري : الأيمان والنذور (6696) , والترمذي : النذور والأيمان (1526) , والنسائي : الأيمان والنذور (3807) , وأبو داود : الأيمان والنذور (3289) , وابن ماجه : الكفارات (2126) , وأحمد (6/36) , ومالك : النذور والأيمان (1031) , والدارمي : النذور والأيمان (2338). (5) البخاري : الاعتكاف (2032) , ومسلم : الأيمان (1656) , والترمذي : النذور والأيمان (1539) , والنسائي : الأيمان والنذور (3822) , وأبو داود : الأيمان والنذور (3325) , وأحمد (1/37). (6) البخاري : الاعتكاف (2043) , ومسلم : الأيمان (1656) , والترمذي : النذور والأيمان (1539) , وأبو داود : الأيمان والنذور (3325) , وابن ماجه : الصيام (1772) , وأحمد (1/37). (7) سورة الشعراء: 71 (8) سورة الأنبياء: 52 (9) أبو داود : الأيمان والنذور (3305) , وأحمد (5/373) , والدارمي : النذور والأيمان (2339). (10) أبو داود : الأيمان والنذور (3305) , وأحمد (3/363) , والدارمي : النذور والأيمان (2339). (11) أبو داود : الصوم (2473). (12) البخاري : النفقات (5368) , ومسلم : الصيام (1111) , والترمذي : الصوم (724) , وأبو داود : الصوم (2390) , وابن ماجه : الصيام (1671) , وأحمد (2/281) , والدارمي : الصوم (1716). (13) البخاري : الزكاة (1477) , ومسلم : الأقضية (593) , وأحمد (4/249) , والدارمي : الرقاق (2751). (14) ابن ماجه : الصيام (1753). |