فصل في الأضحية
فصل: والأضحية سنة يكره تركها لقادر، ووقت الذبح بعد صلاة العيد، أو قدرها إلى آخر ثاني التشريق، ولا يعطى جازر أجرته منها، ولا يباع جلدها، ولا شيء منها، بل ينتفع به.
وأفضل هدي، وأضحية: إبل، ثم بقر، ثم غنم، ولا يجزئ إلا جذع ضأن، أو ثني غيره. فثنى إبل ما له خمس سنين، وبقر سنتان، وتجزئ الشاة عن واحد والبدنة والبقرة عن سبعة.
ولا تجزئ هزيلة وبينة عور، أو عرج، ولا ذاهبة الثنايا، أو أكثر أذنها، أو قرنها. والسنة نحر إبل قائمة معقولة يدها اليسرى وذبح غيرها، ويقول: بسم الله، اللهم هذا منك، ولك، وسن أن يأكل ويهدي ويتصدق أثلاثا مطلقا، والحلق بعدها، وإن أكلها إلا أوقية جاز، وحرم على مريدها أخذ شيء من شعره وظفره وبشرته في العشر.
كذلك ذكر الأضاحي، أكثر المؤلفين يؤخرون الأضاحي مع كتاب الأطعمة؛ وذلك لأنها من جملة الذبائح التي تذبح، وتؤكل، وكما في مختصر الخرقي، وفي المغني، والكافي وغيرها، وكذلك في مؤلفات المؤلفين الآخرين، ولكن الكثير من الحنابلة ألحقوها بالحج؛ وذلك لأنهم تكلموا على الهدي، والهدي يتبع الحج، فلما تكلموا على الهدي ألحقوا به كل ما له صلة به من الذبائح.
وقد ذكرنا أن ما يذبح بمكة أربعة أنواع:
النوع الأول: الهدي الذي ذكر في قول الله تعالى: ﴿ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ﴾(1) وفي قوله -تعالى-: ﴿ لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ ﴾(2) وفي قوله: ﴿ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ﴾(3) الهدي: كان معمولا به قبل الإسلام كان الجاهلية يهدون إلى البيت، فكان أحدهم إذا توجه إلى البيت قطع من ماشيته قطيعا من الغنم، أو من الإبل، أو نحوها، وجعل في رقابها قلائد حتى لا يتعرض لها وساقها، ولم يركبها احتراما لها، فإذا أتى إلى البيت، وكمل نسكه نحرها فهكذا، فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- أهدى هديا لما كان بعمرة الحديبية، وأهدى هديا لما كان بعمرة القضاء، وأهدى مع أبي بكر، أرسل -لما حج أبو بكر- هديا، وأهدى -أيضا- لما حج حجة الوداع سبعين بدنة من المدينة، وثلاثين جاء بها علي من اليمن، فتمت مائة بدنة، وأهدى غيره -أيضا- من الصحابة. ذكر الله -تعالى- الهدي بقوله: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾(4)
ثم النوع الثاني: هو دم التمتع والقران، فهو -أيضا- يذبح بمكة، لا يجوز الخروج به عنها، ومع ذلك يجوز الأكل منه، كما يؤكل من الهدي يدخل في قوله: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا ﴾(5) .
النوع الثالث: جزاء الصيد إذا أتلف صيدا، وقدر عليه، أن يذبح بدله، فإنه يذبحه، ولكن لا يأكل منه، بل يكون لمساكين الحرم.
والنوع الرابع: دم الجبران، إذا ترك واجبا من الواجبات، وألزم بأن يذبح دما كما إذا ترك الرمي، أو ترك الطواف، أو أحرم بعد الميقات وقلنا: عليك الدم، فإن عليه أن يذبح دما، ويجعله لمساكين الحرم. لا يأكل منه.
أما الأضحية، فإنها ليست خاصة في مكة بل في القرى، وهل على الحاج أضحية؟ ذكر بعض العلماء أنه ليس عليه.
النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضحي كل سنة، لما كان في المدينة يضحي بكبشين، ولكن لما حج اكتفى بذبح الهدي عن الأضحية، وأطلقت عائشة على دم التمتع أنه أضحية، قالت: « ضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه بالبقر »(6) ذكرت دخل علينا بلحم بقر، فقيل: ما هذا؟ فقالوا ضحى عن نسائه بالبقر.
ولكن اسم الأضحية خاص بالنسيكة التي تذبح بمناسبة عيد النحر، وتذبح في القرى وفي المدن وفي البوادي وفي سائر الأماكن، يذبحها كل من عنده قدرة، ومن تيسرت له، فهي سنة مؤكدة، وذهب بضعهم إلى أنها واجبة على أهل اليسار، واستدلوا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: « من وجد سعة، فلم يضح، فلا يقربن مسجدنا »(7) ولعل هذا من باب الزجر.
والدليل -أيضا- على أنها غير واجبة « أنه -صلى الله عليه وسلم- ذبح أضحيتين إحداهما: قال: عن محمد وآل محمد، والثانية: قال: عن من لم يضح من أمة محمد »(8) "من لم يضح" فيدل على أن هناك من لم يضح، ولا بد أن يكون عندهم قدرة، ولكن كان لهم مانع، أو عذر، أو نحو ذلك، فيكره تركها لقادر.
وقت الذبح: بعد صلاة العيد، أو قدرها، يتساهل بعض البوادي الذين لا يصلون، فيذبحونها ساعة ما تطلع الشمس، أو ساعة ما تنتشر قليلا، وهذا خطأ لا تذبح إلا بعدما يذهب قدر صلاة العيد والخطبة، يعني: أو الخطبتين.
نقول -مثلا- بعد طلوع الشمس بخمس دقائق، يخرج وقت النهي، صلاة العيد تستغرق عشر دقائق، الخطبة تستغرق -أيضا، على الأقٌل- خمس عشرة دقيقة، فهذه نصف ساعة، أي بعد إشراق الشمس بنصف ساعة، يدخل وقت الذبح.
أما منتهاه ففيه خلاف المشهور عند أكثر فقهاء الحنابلة، أنه يومان من أيام التشريق. مأثور عن الإمام أحمد أنه قال: أيام الذبح ثلاثة عن غير واحد من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم.
والقول الثالث: أن أيام التشريق كلها ذبح أي يوم العيد وثلاثة أيام بعده، فإذا غابت الشمس في ليلة الرابع عشر خرج وقت النحر، وقت ذبح الأضاحي.
يقول: « ولا يعطى الجزار أجرته منها »(9) ورد ذلك في حديث علي في الهدي يقول: « أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بُدُنه، وأن أقسم لحومها وجلودها وجلالها على المساكين، وألا أعطي في جزارتها شيئا، وقال: نحن نعطيه من عندنا »(10) .
الجزار يذبح -مثلا- ويسلخ، ويقطع اللحوم، ونحو ذلك، فهو يتعب، ويحتاج إلى أجرة إن لم يوجد متبرع؛ فلذلك يعطى أجرته من غيرها، وإذا أعطي منها، فإن ذلك يعتبر صدقة، لا يجوز بيع شيء من أجزائها بل يُتَصَدَقُ بِهَاْ، أو تؤكل حتى جلدها يجوز الانتفاع به، أو يتصدق به، ولا يجوز بيعه، وإذا تصدق به على المساكين وباعوه جاز ذلك.
الهدي والأضحية لا يكونان إلا من بهيمة الأنعام، وأفضلها أفضل الهدي والأضاحي هو الإبل، أفضل ما يهدى، ومع ذلك قد تفضل الغنم؛ لأنها أهنأ، وأقرب إلى أن يؤكل لحمها، ولكن قالوا: أفضلها الإبل، ثم البقر، ثم الغنم، ولعل السبب في ذلك كثرة اللحم. إن الإبل أكثر لحما، ثم تليها البقر، ثم الغنم، وهذا فيمن أهدى، يعني: مما أهدى كاملا، فإذا أهدى بعيرا كاملا، فهو أفضل مما إذا أهدى شاة.
يقول: "الذي يجزئ من الضأن هو الجذع، الذي تم له ستة أشهر " إذا تم ستة أشهر أجزأ عن الأضحية، وكذلك عن الفدية، ونحوها، وأما في غيره، فلا بد أن يكون ثنيا. الثني من المعز، وهو الذي تم له سنة؛ لأنها تنبت ثنيته من أسفل، والثني من البقر هو الذي له سنتان، إذا فتحت فمهما وجدته، وقد نبتت لها ثنيتان طويلتان بدل الأسنان الصغيرة. الثني كذلك من الإبل ما تم خمس سنين، يعني: ما تنبت الثنايا إلا إذا تمت له خمس سنين.
يقول: " الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته " وإن كانوا يذبحون شاة عن الرجل وعن أهل بيته، ولو كانوا كثيرا، ولكن الأصل أنه هو الذي ينفق عليهم، ولو كان بعضهم قد بلغ أشده، لما كان هو رئيسهم كان هو الذي يدفعهم، فهو الذي يعتبر كفؤا عن أخذ الشعر.
إذا كان -مثلا- صاحب البيت سوف يذبح الأضحية، ويجعلها عن أهل بيته، عنه وعن أهل بيته، عن زوجته، وعن زوجتيه مثلا، وعن بناته، وعن أبنائه، ولو كان بعضهم ابن أربعين سنة، أو خمسين، أو عشرين، فمن الذي يتوقف عن أخذ الشعر، الذي يتوقف هو الرجل المالك الذي يدفع الدراهم.
البدنة والبقرة تجزئ كل واحدة منهما عن سبعة، يعني: الصحيح أنها تجزئ عن سبع شياه. معلوم -مثلا- أن الإنسان إذا ضحى بشاة جاز أن يشرك بها أبوية، أو بعض أقاربه ويقول: اللهم تقبلها عني وعن أبوي مثلا، هل كذلك سبع البقرة، أو سبع البدنة؟ يعني: أنه يجعله عنه وعن أبوية؟ هذا هو الصحيح؛ لأن البدنة عن سبع شياه. قد يكون لحمها، السُّبع أكثر من لحم الشاة.
بعد ذلك ذكر ما لا يجزئ: ما لا يجزئ من الأضاحي، فلا تجزئ الهزيلة التي لا مخ فيها، يعني الهزل والهزال هو الضعف، بحيث إنها لضعفها ليس فيها مخ في عظامها من الهزال، والضعف، ويكون ذلك عن قلة التغذية، ونحوها، يعرف ذلك بقلة الشحم في ظهرها مثلا، وبقلة اللحم، وكذلك العوراء البين التي ذهبت إحدى عينيها، إما ببياض يمنع النظر، وإما انفقأت العين، ولم يبق لها جرم، ولا العرجاء التي لا تطيق المشي مع الصحاح، سواء كان في يدها العيب، أو رجلها، ولا التي ذهبت ثناياها من أصلها، يعني: عادة البهيمة إذا كبرت، وأسنت، فمن أثر الأكل تتآكل ثناياها، تنسلم، وتنمحي قليلا قليلا، إلى أن لا يبقى إلا أصولها.
يدل على أنها قد كبرت، فإذا ذهبت ثناياها من أصلها، فلا تجزئ. كذلك إذا ذهب أكثر الأذن، أو القرن، إذا قطع أكثر الأذن، أو القرن ورد في ذلك أحاديث، وورد النهي عن المقابلة والمدابرة والخرقاء والشرقاء، ونحوهن، ولكن قد يقال: إن هذا لا يقلل من قيمتها، يعني: قطع الأذن، أو قطع القرن وربما أنه قد يرفع من ثمنها، ولكن إذا عرف أنه ورد في هذا النص، فتتجنب لأجل أن تكون الأضحية كاملة، أما إذا قطع قليل من الأذن، أو شقت يعني شقت أعلاها شقا، ولم يذهب منها شيء، وكذلك القرن إذا أخذ غلافه، وبقي أصله، فلعل ذلك لا ينقص من قيمتها.
نكمل الباقي بعد الصلاة، والله أعلم وصلى الله علي محمد.
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: السنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، النحر هو طعنها بأصل الرقبة، مما يلي الجثة، يقول: وهو يختص بالإبل؛ لأن عنقها طويل، وتطعن في الوحدة التي في أصل العنق بين الرقبة وبين النحر، وهذا هو الأصل.
استدل عليه بقوله -تعالى-: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾(11) السنة أن تكون الإبل عندما تذبح، تنحر معقولة يدها اليسرى، وهي قائمة، واستدل على ذلك بقوله -تعالى- ﴿ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ﴾(12) إذ كانوا يصفونها صفوفا، ثم يعقلون من كل واحدة يدها اليسرى، فتكون قائمة على ثلاث، ثم يمسكون رأسها بحبل حتى لا تنفر، ويلوون رأسها إلى جانبها، ويربطون -أيضا- قوائمها بحبال، فإذا طعنت، وماتت سقطت، وهو معنى قوله: ﴿ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ﴾(12) وبعضهم يعقلها وينحرها، وهي باركة إذا لم يكن عنده من يمسكها.
« مر ابن عمر على رجل ينحر إبله، أو بدنته، وهي باركة فقال: ابعثها قياما معقلة سنة محمد -صلى الله عليه وسلم-. »(13) .
وبكل حال هذا من السنن، ولكن إذا عجز عن ذلك، جاز أن ينحرها، وهي باركة، وهل يجوز ذبحها في أصل الرقبة؟ في أصل الرأس؟ الصحيح الجواز. لو ذبح الإبل في أصل الرأس، مما، يعني: في أصل الرقبة، مما يلي الرأس لأجزأ ذلك؛ لأنه حصل بذلك نحرها، وإماتتها.
أما غيرها، البقر والغنم، فإنها تذبح تضجع على جنبها الأيسر، وتستقبل بها القبلة، وتذبح في أصل الرأس. البقر في أصل الرأس، والغنم ضأنا، أو ماعزا في أصل الرأس، ولو نحرت الشاة -مثلا- في أصل الرقبة، وكذا البقرة أجزأت، ولكنه خلاف الأولى يقول عند الذبح: اللهم هذا منك، ولك. يعني: أنت المتفضل به، ونحن نذبحه لك يعني:…، وإن كان الذي يأكله هم الإنسان؛ ولذلك قال الله -تعالى-: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾(14) الله تعالى غني عنها وعن لحومها وعن دمائها، ولكن هو امتحنكم واختبركم بذلك حتى يعلم من يمتثل، ومن يطيع، والسنة أن يأكل ويهدي ويتصدق أثلاثا، هكذا ورد عن كثير من الصحابة: ثلثا لأهله، ثلث الأضحية مثلا، وكذا الهدي، والثلث الثاني يهديه لأقاربه، ولجيرانه، ولو كان عندهم يعني: أضاحي، والثلث الآخر -الثالث- يتصدق به على المساكين والضعفاء وذوي الحاجات يلتمسهم، ولو كانوا بعيدا.
في هذه الأزمنة تكثر الأضحية، وتكثر الهدايا، ففي مكة يضيع كثير منها، وبالأخص في يوم العيد يحرق، أو يدفن، ولكن هناك شركات تتقبله، وتذبحه، ثم تسلخها، وترسل بها إلى بلاد بها حاجة.. بعيدة، أو قريبة، وهناك -أيضا- من يأخذها ويثلجها في ثلاجات، وينتفع بها كما في الجمعيات الخيرية.
يوجد.. زرنا بعض الجمعيات قبل أسبوعين، أو ثلاثة وجدنا أضاحي عندهم موجودة إلى الآن في الثلاجات، يوزعون منها كل يوم عددا؛ وذلك لأنهم رأوا أن في كثير من القرى ذوي حاجات وفقراء، ومساكين، فكانت هذه الثلاجات التي تبرع بها المحسنون سببا في حفظها عن التعفن والتغير والانتفاع بها عند الحاجة.
يسن أن يحلق بعدما يذبح أضحيته تشبها بذبح الهدي.
في مكة إذا رمى ذبح، ثم حلق، فقالوا: أنت في بلدك إذا ذبحت أضحيتك، فإنه يسن أن تحلق رأسك؛ وذلك لأنه منهي عن حلق رأسه في الأيام العشر، فإذا انتهت وذبح أضحيته تشبه بالحجاج في الحلق، وإذا كان حديث عهد بالحلق، فليس بلازم.
لو أكل الأضحية كلها إلا قدر أوقية، يعني: الأوقية -مثلا- قدر قبضة اليد، تصدق بتلك الأوقية جاز، فإن أكلها كلها، ولم يطعم منها شيئا ضمن بعضا منها، يتصدق به، ولو أن يشتري -مثلا- من جزارين قدر الأوقية يتصدق بها.
ذكرنا أن من أراد الأضحية، فإنه لا يأخذ شيئا من شعره، ولا من ظفره، ولا من بشرته في العشر حديث أم سلمة في ذلك « إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره، ولا من بشرته شيئا حتى يضحي »(15) .
والحكمة في ذلك التشبه بمن ساق الهدي، أنه يحرم ويتجنب أخذ شيء من شعره، فكأن المضحي عزم على أن يدفع شيئا من ماله كالهدي، لكن إن فعل، فلا شيء عليه، ولا يمنعه ذلك عن الأضحية لو أنه معتاد، فلا يمنعه.
والكثير من الذين تعودوا حلق اللحى يوميا مثلا، أو كل يومين يقولون: لا نستطيع أن نصبر عن ذلك؛ فلذلك بعضهم يترك الأضحية التي تحرمه من حلق لحيته، فيجمع بين معصية وبين ترك طاعة، وبعضهم لا يتورع أن يقدم على حلق لحيته، مع كونه يريد الأضحية، فنقول له: عود نفسك الصبر، اصبر العشرة، هذه الأيام، لعل ذلك أن يكون سببا في أن يفتح الله عليك، وأن يهديك، فلا ترجع إلى هذه المعصية.
(1) سورة الفتح: 25 (2) سورة المائدة: 2 (3) سورة المائدة: 97 (4) سورة الحج: 36 - 37 (5) سورة البقرة: 58 (6) البخاري : الحيض (294) , ومسلم : الحج (1211) , والنسائي : الطهارة (290) , وأبو داود : المناسك (1782) , وابن ماجه : المناسك (2963) , وأحمد (6/273). (7) ابن ماجه : الأضاحي (3123) , وأحمد (2/321). (8) (9) البخاري : الحج (1717) , ومسلم : الحج (1317) , وأبو داود : المناسك (1769) , وابن ماجه : المناسك (3099) , وأحمد (1/154) , والدارمي : المناسك (1940). (10) البخاري : الحج (1717) , ومسلم : الحج (1317) , وأبو داود : المناسك (1769) , وابن ماجه : المناسك (3099) , وأحمد (1/123). (11) سورة الكوثر: 2 (12) سورة الحج: 36 (13) البخاري : الحج (1713) , ومسلم : الحج (1320) , وأبو داود : المناسك (1768) , وأحمد (2/3) , والدارمي : المناسك (1914). (14) سورة الحج: 37 (15) الترمذي : الأضاحي (1523) , والنسائي : الضحايا (4361) , وأبو داود : الضحايا (2791) , وابن ماجه : الأضاحي (3150) , وأحمد (6/289) , والدارمي : الأضاحي (1947). |