العقيقة
وتسن العقيقة، وهي عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة تذبح يوم السابع، فإن فات ففي أربعة عشر، فإن فات ففي أحد وعشرين، ثم لا تعتبر الأسابيع، وحكمها كأضحية.
بعد ذلك ذكر العقيقة:
العقيقة: هي النسيكة التي تذبح عن المولود، إذا رزق الله الإنسان مولودا، فإنها نعمة من الله فيكون عليه أن ينسك عنه نسيكة، واختلف في حكمها، فأكثرهم على أنها سنة لا تصل إلى الوجوب، وذهب بعضهم إلى وجوبها عند القدرة، واستدل بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- « كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه »(1) واختلف في معنى مرتهن، فقيل: إنه مرتهن عن الشفاعة لوالديه إذا لم يعق عنه، وقيل: إنه مرتهن عن برهما، أو عن خدمتهما وطواعيتهما.
وبكل حال، فإن هذا دليل على آكديتها، ثم عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة. الغلام، يعني: الصبي الذكر، يذبح عنه شاتان مكافئتان، يعني تجزئان في الأضحية، مع السلامة من العيوب التي لا تجزئ معها في الأضحية، ولا في الهدي، وعن الجارية، يعني: الأنثى شاة، ثم ورد -أيضا- أنه لا يجزئ فيها شرك في دم، بمعنى أنه لو كان هناك سبعة، ولد لكل واحد منهم مولود، فقالوا:
نشترك في هذه البدنة هذا يأخذ سُبعا، وهذا يأخذ سبعا، والذي له ولد ذكر، والذي له أنثى، يأخذ سبعا، هل يجزئ؟
أكثرهم يقول: لا يجزئ لا بد فيه أن تكون تامة، إذا أراد أن يذبح بدنة، فليجعلها تامة عن ولده، وكذلك إذا أراد أن يذبح بقرة، فلا بد أن تكون تامة، ولا بد أن تكون ثنية تجزئ في الأضحية، ثم يستحب أن لا تكسر عظامها تفاؤلا بالسلامة، قالوا: ألا يكسر لها عظما، وهذا من باب التفاؤل، وإلا فعند الحاجة، فلا مانع من ذلك.
ووقت ذبحها: في اليوم السابع، وإن عجلها أجزأ، ذلك لو ذبحها في اليوم الأول، أو الثاني أجزأ ذلك، ولكن الأفضل في اليوم السابع، فإذا فات، ففي اليوم الرابع عشر، يعني: بعد أسبوعين، فإذا فات ففي واحد وعشرين، أي بعد ثلاثة أسابيع، فإذا فات، فإنها لا تعتبر بعد ذلك الأسابيع، بل يذبحها متى تيسرت، يعني: يذبحها إذا كان في يوم اثنين وعشرين، ثلاث وعشرين، أربع وعشرين.
ومنهم من اعتبر الأسابيع بعد ذلك، فقال: إذا فات الحادي والعشرين، تذبح الثامن والعشرين، وإذا فات الثامن والعشرين، تذبح في الخامس والثلاثين، وهكذا، ولكن الأصل أنها لا تعتبر، وأنه يعتبر أن يذبحها في أي يوم تيسر يقولون: وحكمها كالأضحية في أنها يتصدق منها، ويهدي منها.
ووقت ذبحها: في اليوم السابع، وإن عجلها أجزأ، ذلك لو ذبحها في اليوم الأول، أو الثاني، أجزأ ذلك، ولكن الأفضل في اليوم السابع، فإذا فات ففي اليوم الرابع عشر يعني: بعد أسبوعين، فإذا فات، ففي واحد وعشرين، أي بعد ثلاثة أسابيع، فإذا فات، فإنها لا تعتبر بعد ذلك الأسابيع، بل يذبحها متى تيسرت، يعني: يذبحها إذا كان في يوم اثنين وعشرين وثلاث وعشرين، وأربع وعشرين.
ومنهم من اعتبر الأسابيع بعد ذلك، فقال: إذا فات الحادي والعشرين تذبح في الثامن والعشرين، وإذا فات الثامن والعشرين تذبح في الخامس والثلاثين، وهكذا، ولكن الأصل أنها لا تعتبر، وأنه يعتبر أن يذبحها في أي يوم تيسر.
يقولون: وحكمها كالأضحية في أنها يتصدق منها، ويهدي منها، وذهب بعضهم إلى أنها كالوليمة أنه يجعلها وليمة، ويدعو عليها أصدقاءه وجيرانه وأقاربه، ويخبرهم بأنها عقيقة المولود فلان، أو المولودة، ثم هم يدعون له بالصلاح والنبات الحسن، ونحو ذلك.
المؤلف ما تكلم على الأسماء، يعني: على تسمية المولود. إن أكثرهم قالوا: يسمى في اليوم السابع، ولكن الصحيح أنه يجوز التسمية قبل ذلك؛ ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: « ولد لي الليلة غلام سميته باسم أبي إبراهيم »(2) فدل على أنه يجوز التسمية قبل اليوم السابع، والحديث الذي فيه تذبح يوم سابعه ويسمى، المراد أنه يسمى متى تيسر الاسم؛ وذلك لأنهم قد يتأخرون في اختيار الاسم للاختلاف في ذلك، ثم بعدُ يختارونه، ولو لم يكن في السابع بل بعد العاشر، أو نحوه.
وبهذا نتوقف، ونقرأ غدا -إن شاء الله- كتاب الجهاد، والله أعلم، وصلى الله على محمد.
س: فضيلة الشيخ هذا سائل يقول: ذكرتم في يوم أمس، أن التحلل الأول يكون بفعل اثنين من ثلاثة: وهي الرمي والحلق والطواف، دون النحر ونحن في إحدى السنوات تحللنا التحلل الأول، بعد أن رمينا ونحرنا، فهل فعلنا هذا صحيح؟، وماذا علينا؟ وجزاكم الله خيرا.
ج: يعذرون بالجهل كان الأولى أن تتثبتوا، فالنحر ليس من أسباب التحلل؛ وذلك لأنه ليس عاما لكل الحجاج بخلاف الحلق والرمي.
أحسن الله إليك.
س: هذا سائل يقول بعض الناس يؤخرون طواف الحج، وسعي الحج إلى الوداع، ويطوفون طواف الحج، وينوي به طواف الوداع، ويسعى بعد ذلك، ويكون آخر عهده بالبيت السعي، فهل فعلهم صحيح؟.
ج: يصح إن شاء الله، كان الأولى أنهم يعيدون الطواف مرة ثانية، يعني بعد السعي، ولكن الفصل بالسعي ما يعتبر عملا.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ، هل يجوز اللعب بالكمبيوتر للصغار والكبار؟
ج: يعني: هذه الأجهزة والأدوات فيها منفعة، ومصلحة، ولكن كثيرا من الناس يتخذونها ملهاة، يعرضون فيها أشياء، فيها شيء من الباطل، فننصح عدم اتخاذها لهذه الأغراض، إذا كان ولا بد أن الأطفال يتلهون بشيء يشغلهم، فيختار لهم في هذه الأجهزة أشياء تناسبهم، يعني: ينشغلون بها عما هو محرم، ولو كان فيها شيء من اللهو.
أحسن الله إليكم.
س: هذا سائل يقول: إذا دخلت العشر، وأريد أن أضحي، وقد تعدت مدة الأربعين يوما، ولم آخذ من شعر إبطي وغيره، فما الحكم في ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.
ج: لا حرج في أن تصبر. تصبر عشرة هذه الأيام، لكن إذا طال شعر إبطك مثلا، وأظفارك طولا تستوحش منها، فلك أن تقصر منها للعذر.
أحسن الله إليك.
س: هذا سائل يقول: أنا مقيم في هذه البلاد، فوكلني أحد الأخوة في بلدي بالحج عن أمه المتوفاة؛ وذلك لعدم استطاعته بأن يجهز من خارج هذه البلاد، فهل يجزئ هذا العمل؟.
ج: يجزئ، إذا لم يكن مستطيعا، إذا لم يستطع أن يجهز إنسانا يحج عن أمه من بلدها، جاز له أن يحج من حيث قدر.
أحسن الله إليكم.
س: هذا يقول: امرأة متزوجة، وعندها خمسة أطفال، وهي مريضة بمرض السكر والحمل يؤثر على صحتها، فهل يجوز لها إجراء عملية لمنع الحمل؟
ج: يجوز ذلك، إذا قرر الأطباء أن عليها خطرا على صحتها، إذا حملت تتعرض لأمراض قد توهنها، وقد تودي بحياتها، فأما إذا لم يكن عليها خطر، فليس لها ذلك.
أحسن الله إليكم.
س: رجل من أهل الرياض، وسافر إلى المدينة المنورة، ولم تكن نيته الإقامة، وأراد أن يعتمر فمن أين يحرم؟.
ج: إذا نوى العمرة، وهو في المدينة أحرم من ميقات المدينة، وإذا لم ينو إلا بعدما خرج من المدينة، أحرم من ميقات الجحفة.
س: ما حكم الزوج إذا منع زوجته من السفر إلى الحج، وأقسم يمينا على هذا، وهل على الزوجة معصيته؟
جزاكم الله خيرا.
ج: لا يجوز له إذا لم تكن أدت فرض الحج، إذا لم تكن أدت فريضته، فلا يمنعها إذا توافرت الأسباب، وقدرت، ولها أن تعصيه والحال هذه؛ وذلك لأن هذا فرض الله، ولا يجوز تأخيره، ولا إثم عليها، ولا يلزمه أن ينفق عليها إذا وجد من ينفق عليها، ووجدت محرما، فالفرض لا يسقط عنها.
س: هذه سائلة تقول: إذا قال لي شخص لعنك الله، وكان قريبا لي فهل معنى هذا أن أحدا منا قد طرد من رحمة الله؛ لقوله ذلك؟ وكيف أتعامل معه، ولو كان زوجا، هل أطلب منه أن يفارقني، وإذا كرر اللعنة، أو الدعاء عليه خشية أن يصيبني بعد ما يقول؟
وجزاكم الله خيرا.
ج: حرام هذه الكلمات، ورد فيها وعيد شديد، ولكن لا تحرم الزوجة، لا تحرم الزوجة عليه إذا أطلق عليها اللعنة، وكذلك -أيضا- لا توجب المقاطعة والقطيعة، ولكن ينصح هذا الذي أطلق هذا اللعن، إلى أن يتوب، ويستغفر ويملك لسانه.
س: إذا رمى الحاج الجمار، الجمار بغير ترتيب، فهل يصح حجه، أم ماذا عليه؟.
ج: الصحيح أن عليه دم، ولو بدأ من جمرة العقبة الوسطى، ثم بالكبرى، ثم بالصغرى، فلا يعتبر رميه صحيحا، ولا يصح له إلا الصغرى، عليه أن يعيد الوسطى، ثم الكبرى، فإن لم يفعل كأنه ترك واجبا يجبر بدم.
أحسن الله إليكم.
س: سؤال تكرر كثيرا يقول: لو ذهب إلى جدة، ولم يكن عنده نية العمرة، أو الحج، ثم لما وصل قرر أن يعتمر من جدة، فهل يحرم من جدة أم ماذا يفعل؟
ج: نعم إذا لم ينو العمرة، ولم تخطر بباله حتى وصل إلى جدة، جاز أن يحرم من جدة.
أحسن الله إليك.
س: إذا كان شخص عاجزا من أهل الرياض، فهل له أن يوكل من يحج عنه من القرى المجاورة للرياض؟.
ج: إذا كان عجزه بدنيا لمرض، أو كبر، فإنه يوكل من يحج عنه من بلده، إذا كان فرضا، وإن كان نفلا جاز من كل مكان. أما إذا كان عجزه ماليا بحيث إنه لا يستطيع من حيث المال أن يحج من بلده، وعنده مال قليل يعني:: تكليفات بلده -مثلا- تكلف عشرة آلاف، ولو حج مثلا من الطائف لكلف ألفين، وهو لا يجد إلا ألفين، يوكل من يحج عنه من أهل الطائف بالألفين.
أحسن الله إليك.
س: هذا سائل يقول: هذا سؤال هام -السلام عليكم ورحمة الله وبركاته- يقول: طلقت زوجتي طلاق السنة طلقة واحدة، ثم راجعتها بعد العدة، وبعد مرور سنة تقريبا أردت طلاقها مرة ثانية، فكانت الصيغة التالية: أشهدك يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان أني طلقت زوجتي فلانة بنت فلان الطلقة الثانية، فهل يقع الطلاق بهذه الصيغة؟ مع العلم أني نويت الطلاق أفتونا مأجورين؟
ج: الطلقة الأولى وقعت، لكن إذا كان راجعها، وهي في العدة عادت إليه؛ لأنها رجعية وبقيت معه، ثم طلقها الطلقة الثانية، وأشهد عليها فوقع بها طلقة ثانية، فلم يبق له بعد ذلك إلا واحدة، يصح له أن يراجعها، ومتى طلقها الثالثة لن تحل له إلا بعد زوج، أما إذا راجعها بعد العدة، فلا تصح الرجعة.
س: فضيلة الشيخ -أحسن الله إليكم- أنا في بلد ليس فيه علماء، وبها طلبة علم قليلون، ليسوا بالمستوى المطلوب، فهل يجوز لي أن أخرج في طلب العلم، دون إذن والدي؟ وجزاكم الله خيرا.
ج: نرى أنك لا تخرج إلا بإذن والديك، وبإمكانك أن تقرأ على طلبة العلم الموجودين، وليس شرطا أن يكونوا ربانيين، فبإمكانك أن تأخذ من المعلومات التي عند هذا وعند هذا، وكذلك -أيضا- تستفيد من المؤلفات المنتشرة بكثرة وتستفيد من الإذاعات ونحوها.
أحسن الله إليك.
س: يقول: حصل بيني وبين شخص خصومة بسبب محاولته التعدي على عرضي، فهل يجوز لي أن أقطعه، وإذا مت، وأنا على هذه الحال فكيف يكون الأمر، جزاكم الله خيرا؟
ج: لا شك أنه والحال هذه، إذا هم بهذه المعصية، بهذا الاعتداء على الأعراض، فلك أن تهجره إلى أن يتوب، ويقلع، ويندم، ويعتذر.
س: أحسن الله إليك، يقول هل يجوز تجميع جلود الأضاحي وبيعها، وإعطاء نقودها للفقراء.
ج: نعم، لكن لا يبيعها أهلها، أما إذا تصدقوا بها -مثلا- على الجمعيات وجمعت، ثم دبغت، وبيعت، وتصدق بثمنها، أو بيعت قبل أن تدبغ فلا بأس.
أحسن الله إليك.
س: فضيلة الشيخ، يقول: بعض الناس إذا رزقوا بمولود، فإنهم يأخذون العقيقة إلى البر، ويعزمون بعض الأصحاب فهل في ذلك شيء أم لا؟
ج: لا مانع لا بأس بذلك، القصد هو ذبحها، والفرح بهذا المولود يقتضي أنهم يجتمعون على طعام ويأكلون منه، لكن عليهم أن يتصدقوا منها، ولو ببعض منها.
أحسن الله إليك.
س: يقول: أنا أواجه بعض المشاكل، فإنني انقطعت عن الناس الذين من حولي؛ وذلك لأنني أراهم يتساهلون في سماع الغناء والنظر إلى الدش، وقد اعتزلت بعد ذلك من حولي، فكيف أوفق بين تقواي لله -عز وجل- وبين العيش مع الذين هم حولي من أهلي وأقاربي، وجزاكم الله خيرا؟.
ج: تحرص على أن تبذل لهم النصح والتوجيه، وإذا رأيت أن مجالستهم تقسي قلبك، أو تجرفك إلى أن تصير معهم، فابتعد عنهم، وإذا كان في المجالس شيء من تخفيف الشرور وتخفيف المنكرات، فلا تقاطعهم.
س: وهاتان دعوتان: المقدم إحداها من عُمَان، والثانية مقدمة من جيزان لزيارة المنطقتين، وإلقاء دورات علمية هناك، فما رأي فضيلتكم؟
ج: لا بأس بزيارة جيزان -إن شاء الله- لعلها تتيسر في آخر شهر ربيع الثاني، وأما خارج المملكة، فنعتذر. والله أعلم.
أحسن الله إليكم، ونفعنا بعلمكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول، وعلى آله وصحبه.
كان آخر ما قرأنا أركان الحج الأربعة وواجباته السبعة، وما في بعضها من الخلاف، وكذلك أركان العمرة الثلاثة وواجباتها الاثنان، وأن الباقي من السنن.
وحكم من فاته الوقوف كيف يفعل؟ وكذلك من منع من البيت بعدما أحرم، وكذلك من صد عن عرفة، وحكم الأضحية، ووقت ذبحها ونهاية وقت الذبح، وحكم إعطاء الجزار منها وعدم بيع جلدها، أو شيء منها، وأفضل الهدي، وأفضل الأضاحي من بهيمة الأنعام، والسن التي تجزئ في الأضاحي وفي غيرها، والمعيبة التي لا يجزئ ذبحها، وكيفية ذبح الإبل وذبح البقر، وكيف يفعل بلحمها بعد ذبحها، وحكم من أكلها إلا أوقية، وما يحرم على من أراد الأضحية في العشر، وحكم العقيقة، والفرق بين الغلام والجارية، ووقت ذبحها، وهذه أهم المباحث التي مرت بنا، عرضنا ما فيها من الخلاف، والآن نواصل القراءة.
(1) الترمذي : الأضاحي (1522) , والنسائي : العقيقة (4220) , وأبو داود : الضحايا (2837) , وابن ماجه : الذبائح (3165) , وأحمد (5/17) , والدارمي : الأضاحي (1969). (2) مسلم : الفضائل (2315) , وأبو داود : الجنائز (3126) , وأحمد (3/194). |