توبة قاطع الطريق قبل القدرة عليه
يقول: " ومن تاب منهم قبل القدرة عليه، سقط عنه حق الله تعالى، وأُخذ بحق الآدمي؛ لقول الله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾(1) يعني: جاء قبل أن تقبض عليه الحكومة، وسلم نفسه، وقال: أنا تائب، وهذه توبتي. فيسقط عليه حق الله تعالى.
فإذا كان مثلا قد قتل، وقال ولي المقتول: أريد القصاص. قد قتل وأخذ المال، فقال صاحب المال: أنا أريد حقي من المال، وقال صاحب الدم: أنا أريد حقي من القصاص، يغرم دفع المال ولا يقطع، ويقتل قصاصا ولا يصلب. الصلب حق لله، وهذا قد تاب، فيقتل حقا لآدمي ولا يصلب، كذلك المال حق لآدمي، طالب بالمال، وقال: إنه أخذ من أبي كذا وكذا، يطالب بدفع المال ولا يقطع.
لو -مثلا- أنه أخذ المال، ولم يَقتل، ثم تاب قبل أن يُقدر عليه، فلا تقطع يده ورجله؛ لأن هذا حق لله. ولكن حق الآدمي إذا طالب به يدفع، لو قال الآدمي: أنا عفوت عنه، سقط حقه إذا عفى عنه؛ لأنه حق لآدمي. فإن طالب به، فإنه يثبت.
فيثبت حق آدمي مثلا لو قال: إنه قطع يدي، إنه شجني، إنه فقأ عيني، أريد القصاص. يمَكّن من القصاص. وأما إذا قال: إنه قتل أبي، وأخذ مالنا، فأطالب بقتله، وبأخذ المال، وبالصلب. رُدّ المال. أو: عفوتُ عن المال، ولكن أريد أن يقتل، ويصلب، الصلب حق لله.
فالصلب حق لله، وقطع اليد والرجل حق لله، والنفي حق لله، ورد المال حق لأدمي، والقصاص في النفس، أو فيما دون النفس حق لآدمي. هذه يُطالَب بها. ومن وجب عليه حد لله، وتاب قبل ثبوته، سقط. من وجب عليه حد لله تعالى، يعني: مثل السُّكر حد لله تعالى، إذا تاب سقط عنه، ومثل النهب، التعزير وأشباه هذه، حقوق لله تعالى.
(1) سورة المائدة: 34 |