دفع الصائل
ذكروا بعد ذلك: "دفع الصائل". من أُريدَ ماله أو نفسه أو حرمته، يعني: جاءه قطاع طريق، وقالوا: سلم لنا نفسك لنقتلك. هل يسلم لهم نفسه؟ يقاتِل، يقاتل ولو قتلهم. أو سلم لنا مالك، وإلا قتلناك. هل يسلمه لهم؟ يقاتل، ولو قُتل أو قَتل. سلم لنا امرأتك؛ لنزني بها. لا يسلم، ولكن يقاتِل ولو قُتل.
فإذا قتلهم دفاعا -دافعهم ولكن لم يندفعوا إلا بالقتل- فلا غرامة عليه ولا قصاص؛ لأنه يقول: قاتلتهم أو قَتلتُهم دفاعا عن نفسي، فأنا مظلوم، وأنا معتدًى عليّ. ففي هذه الحال، لا غرامة عليه فيما قَتل. لو مثلا أنه قطع يد هذا، وأنه فقأ عين هذا، وأنه قطع رجل هذا، ثم بعد ذلك تخلص منهم، فطالبوه -فلا حرج عليه.
تعرفون حديث « من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون نفسه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد »(1) معناه أنه يقاتل حتى يُقتل، ولا يستسلم، ولا يسلم لهم نفسه، ليفجروا به مثلا بفعل الفاحشة، ولا يسلم لهم امرأته، ولا يسلم لهم ماله.
وجاء عن النبي- صلى الله عليه وسلم « أن رجلا قال: يا رسول الله إن جاءني باغ وقال: أعطني مالك؟ قال: لا تعطه. قال أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله. قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار. قال: أرأيتَ إن قتلني؟ قال: أنت شهيد »(2) فلا ضمان عليه. هذا يتعلق بالقطاع ويتعلق بدفع الصائل.
(1) الترمذي : الديات (1421) , والنسائي : تحريم الدم (4095) , وأبو داود : السنة (4772) , وابن ماجه : الحدود (2580) , وأحمد (1/187). (2) مسلم : الإيمان (140). |