مكروهات الذبح
يقول: "وكُرِه بآلة كالة" يكره الذبح بالآلة الكالة فالسكين التي ليست محددة -يعني: متثلمة- لا يجوز الذبح بها؛ وذلك لأنه يعرض ذلك الحيوان بشدة حزه يحز به، وربما يبقى عشر دقائق أو ربع ساعة وهو يحز قبل أن يقطع الجلد ثم يقطع اللحم، ثم يقطع الحلقوم ثم يقطع المريء فيقطع مدة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك فقال: « إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته »(1) .
الشفرة: هي السكين تسمى أشرة وسكينا ومدية، فعليه أن تكون حادة؛ حتى تقطع سريعا، وحتى لا يعذب ذلك الحيوان إذا كانت الآلة التي يذبح بها كالَّة يعني: متثلمة غير محددة.
"يكره أن يحدها بحضرة المذكَّى" يعني: لا يحدها على حجر أو على سكين أو على حديدة والحيوان ينظر، بل يحدها بعيدا عنه؛ لأن الحيوان قد يكون له فطنة، قد يكون له معرفة.
نُقل في بعض الكتب: يقول رجل: كنت أمسكت شاة أريد أن أذبحها، ولما عزمت على ذبحها جاءني رجل وأراد أن يكلمني، فألقيت السكين، ولما ألقيت السكين وأخذت أكلم الرجل، الشاة قبضت السكين بفمها وذهبت بها وحفرت بيدها في أصل الجدار، وألقت السكين ودفنتها في أصل الجدار، فقال: ألا تعجب! ألا تعجب! يقول: فحلفت أني لا أذبح ذبيحة بعدها.
يعني: أن هذه البهائم قد يكون لها شيء من الذكاء، فيكره أن يحدها والحيوان ينظر، ويكره أن يسلخها قبل زهوق الروح.
إذا ذبحها تركها حتى يخرج الدم، فإذا خرج الدم وزهقت الروح وبطلت الحركة وسكنت، علم موتها، ابتدأ في سلخها، سلخ الجلد: إزالته عن اللحم، ولا يكسر العنق -أيضا- قبل زهوق الروح.
العادة أنهم يقطعون الحلقوم، ثم يقطعون المريء، ثم يقطعون الوجدين، ثم يتركونه حتى يخرج الدم كله ولا يكسرون العنق؛ لأن كسر العنق فيه تأليم، وربما يكون إذا ما كسر عنقه تموت، ويتبقى الدم الباقي في العروق، فلا يكسر عنقها قبل زهوق الروح. أي: قبل أن تخرج الروح ويخرج الدم كله.
"يكره نفخ اللحم للبيع" بعض القصابين إذا أرادوا أن يذبحوا شاة أو نحوها ينفخونها حتى ينتفخ اللحم، وبعضهم يسقونها ملحا حتى تنتفخ؛ فإذا جاء المشتري ورأى اللحم كثيرا ظن أنه لحم، وإنما هو نفاخ، فيكره نفخه إذا كان لأجل البيع.
(1) مسلم : الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (1955) , والترمذي : الديات (1409) , والنسائي : الضحايا (4405) , وأبو داود : الضحايا (2815) , وابن ماجه : الذبائح (3170) , وأحمد (4/125) , والدارمي : الأضاحي (1970). |