حلف ألا يطأ أمته
الفصل الذي بعده فيه التحريم، وفيه مقدار الكفارة، إذا حَرَّمَ أَمَته، والله لا أطأ هذه الأمَة، أو حَرَّمَ طعاما، قال: هذا الطعام عليَّ حرام، هذا الثوب عليَّ حرام، في هذه الحال هل يحرم؟
لا يحرم، ما يصير حراما.
إذا قال -مثلا-: هذا الماء علي حرام، هذه القهوة علي حرام، هذا الخبز علي حرام، خبز فلان علي حرام ما آكل منه، طعام فلان علي حرام لا آكله، هل يصير حراما؟
ما يصير حراما، ولكن عليه الكفارة، والدليل قوله -تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾(1) .
سبب نزول هذه الآية « أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدخل على زينب، وتسقيه عسلا، فغار بعض نسائه كعائشة وحفصة، وأردن أن يُحرِّمَه، فاتفقت كل واحدة منهن أن تقول له: أكلت مغافير »(2) وهي حمل بعض شجر العضاة، حمل له رائحة، « فقال: إنما شربت عسلا عند زينب. فقالت: جرست نحله العرفط. أي: أكلت نحله من العرفط، والعرفط له رائحة، فعند ذلك قال: هو علي حرام. هذا العسل، فأنزل الله: ﴿ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ﴾»(3) قد بين الله لكم التحلة التي هي الكفارة.
وكذلك روي أيضا: أنه حَرَّمَ أمته مارية، وكانت سُرِّية له، وهي أم إبراهيم، فكان غارت بعض نسائه: كيف تباشرها في بيتي وعلى فراشي؟ فقال: هي علي حرام. فنزلت الآية: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾(4) فكَفَّرَ عن يمينه عند ذلك وباشرها، وحلت له فهكذا الرجل إذا حرم أمته، فإن عليه كفارة يمين، أو حرم شيئا حلالا غير الزوجة.
أما الزوجة تحريمها ظهار، كما تقدم في الظهار، إذا حرم هذا الشراب، هذا اللبن عليّ حرام، لبن هذه الشاة عليّ حرام، أو لبن هذه البقرة، أو -مثلا- هذا الإدام عليّ حرام، أو خبز هذا الخباز عليّ حرام، أو ذبح هذا الجزار عليّ حرام، ثم احتاجه، يكفر عن يمينه، يكفِّر، وإذا كفر حل له ذلك وأكل منه، عليه كفارة يمين.
(1) سورة التحريم: 1، 2 (2) البخاري : الحيل (6972) , ومسلم : الطلاق (1474) , والنسائي : الأيمان والنذور (3795) , وأبو داود : الأشربة (3714) , وأحمد (6/221). (3) (4) سورة التحريم: 1 |