اعْلَم يا أُخَي إِنَّمَا حَمَلني على الكِتَابِ إليك ما ذَكَرَ أهلُ بلادِكَ مِنْ صَالِحِ ما أَعْطَاكَ اللهُ مِنْ إنْصَافِكَ النَّاسَ وحُسْنِ حَالِكَ مِمّا أَظْهَرْتَ مِنَ السُّنَّةِ، وعيْبِكَ لأَهْلِ البِدَعِ، وكَثْرةِ ذِكْرِكَ لَهُم، وطَعنِك عَلَيْهِم، فَقَمَعَهُمُ اللهُ بك وشَدَّ بك ظَهْرَ أَهْلِ السُّنَّةِ وقَوَّاك عليهم بإظهارِ عَيْبِهِم والطَّعْنِ عليهم، فَأَذَلَّهم الله بذلك وصاروا ببدعتهم مستترين.
نعم. الكتابة، إذا إنسان عرف شخصا صاحب سنة ينشر السنة مكالمته ومكاتبته وتقويته، هذه سنة كانت من السلف، هذه سنة حسنة من السلف.
انظر هذا أسد بن موسى أيضا، وأسد بن الفرات أيضا في المغرب يقول: لما سمعت أن الله أعطاك .. سمعت من أهل بلادك أن الله أعطاك الإنصات وحسن حالك وإظهارك للسنن، وعيبك لأهل البدع، وكثرة ذكرك لهم وطعنك عليهم، إني كتبت لك هذا الكتاب. هذه سنة حسنة تكون بين أهل السنة دائمة، ولا يوجد موالاة حقيقية وحب حقيقي إلا بين أهل السنة؛ لأن يجمعهم التوحيد، تجمعهم السنة، ما تجمعهم الأهواء، ولا تجمعهم البغضاء.
صاحب السنة كما قال سفيان: إذا سمعت من صاحب سنة في المشرق أو في المغرب فأرسل إليه بالسلام؛ فإن صاحب السنة عزيز غريب، فتجد أن بينهم مودة حقيقية، تجد بينهم مودة ومحبة؛ لأن جمعهم شيء واحد وهو السنة، والسنة لا تختلف، أما أهل الأهواء لا، كما قال إبراهيم: ﴿ مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾1 فالمودة والنصرة لصاحب السنة.
ثم ذكر ملامح طيبة، يقول: إن كلامك هذا قمع الله بك البدع وأهل البدع. وهذا المقصود، المقصود أن يبقى الدين عزيزا والبدع مقموعة، هذا ملمح، وهذه عبادة، هذه عبادة مستقلة، الله عز وجل إيش يقول؟ يقول: ﴿ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ ﴾2 فقط وجودك في مكان يغيظ الكفار حسنا لك، كذلك إغاظة - ليس الكفار - إغاظة أهل البدع عبادة مستقلة، هذه عبادة، فقال: قمعهم الله بك، هذا كما قال: الشيخ فلان اعتد به من أفضل الأعمال.
إذن هذا أولا، وقال تعالى عن المهاجر: ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ﴾3 مراغما لمن؟ للكفار؛ لأنه إذا هاجر أرغم أنوفهم، رغم إنه تارك بلادهم لهم، لكن هذا إرغام لهم كما فعلوا لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم منهم وضعوا مائة من الإبل لمن يأتي به حي أو ميت، طيب هو الآن خرج منكم، ترككم، لكن هذا إرغام لهم.
فالمقصود من الملمح الأول هو أن قمع البدع هذه عبادة، والملمح الثاني: (وشد الله بك ظهر أهل السنة)، كل إنسان يتكلم ويشد الله بهم ظهور أهل السنة ويقويهم، ويثبت قلوبهم، هذا عبادة، وذكر هذا أيضا الآجري في بداية الشريعة، كتب من أسباب تأليفه لكتاب الشريعة أن أشد ظهور أهل السنة وأن أقويهم حتى يقوون في نشر السنن. نعم.
1 : سورة العنكبوت (سورة رقم: 29)؛ آية رقم:25 2 : سورة التوبة (سورة رقم: 9)؛ آية رقم:120 3 : سورة النساء (سورة رقم: 4)؛ آية رقم:100
|