وقد وقعت اللعنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل البدع، وأن الله لا يقبل منهم صرفا ولا عدلا، ولا فريضة ولا تطوعا، وكلما ازدادوا اجتهادا وصوما وصلاة ازدادوا من الله بعدا.
نعم. وهذا أيضا أمر خطير، كلما ازدادوا اجتهادا وصوما وصلاة ازدادوا من الله بعدا، نسأل الله العافية والسلامة، مثالهم مثال شخص كان على الطريق ثم انفرط في الطريق، فإنه كلما يتوغل في طريقه الذي اخترعه كلما ازداد بعدا عن الطريق المستقيم. كلما يتوغل كلما يبتعد، فهو يجتهد وهو إنما يزداد ابتعادا.
وأيضا فإن العبادة إذا لم تثمر في القلب الاستسلام والانقياد والخضوع، فإنها تثمر عكسه، العبادة إذا لم تصل إلى القلب فإنها تثمر العجب والتيه والكبر والإدلال على الله بالعمل، وهذا الذي وقع فيه الخوارج، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: « تحقرون صلاتكم عند صلاتهم، وصيامكم عند صيامهم، يقرءون القرآن »1 لكن هذه العبادات لم تصل إلى قلوبهم، إما فقد الإخلاص أو فقد المتابعة، فأصبح توالي العبادات؛ يتهجدون ويصلون، ثم جاءهم عبد الله بن عباس، وجدهم... بالقرآن دوي كدوي النحل، ووجد في جباههم مثل ركبة العنز من كثرة السجود، ...جباههم وأيديهم، يتعبدون، لكن نسأل الله العافية على غير الطريق، فأصبحت هذه العبادات ليس فقط ما نفعتهم، بل أضرتهم هنا، لماذا؟ لأنه يشعر أنه مصل متهجد صائم قائم، فإذا ما ... تثمر عندهم هذا التيه والعجب والإدلال على الله بالعمل، والكبر على الحق، واحتقار الخلق وتكفيرهم وقتالهم، كما حصل منهم، فيحذر الإنسان، كل عبادة يراقب هل هي أثمرت في قلبه الخضوع واستسلام النصوص، هذا هو ثمرة العبادة، الخوف والخشية، وألا يخشى ويهاب. نعم.
1 : البخاري : فضائل القرآن (5058) , ومسلم : الزكاة (1064) , وأحمد (3/33).
|