حدثنا أسد عن عامر بن يساف عن يحيى بن أبي كثير قال: قال حذيفة بن اليمان: اتبعوا سبلنا، - هذا أيضا خطأ، اتبعوا سبيلنا، وما لهم إلا سبيل واحد صراط واحد، نعم - اتبعوا سبيلنا، فلئن اتبعتمونا لقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن خالفتمونا لقد ضللتم ضلالا بعيدا.
حدثنا أسد عن عبد الله بن رجاء عن عبيد الله بن عمر عن سيار أبي الحكم أن عبد الله بن مسعود حُدث أن أناسا بالكوفة يسبحون بالحصى في المسجد، فأتاهم وقد كوَّن كل رجل منهم بين يديه كومة حصى قال: فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد وهو يقول: لقد أحدثتم بدعة ظلما أو قد فضلتم أصحاب محمد علما صلى الله عليه وسلم.
هذا من الحكمة في الدعوة لم يزل يحصبهم حتى أخرجهم من المسجد، هذا حكمة في الدعوة؛ لأن هذا إحداث يحتاج إلى شدة قليلا، يعني بعض الأمور يا إخوان خاصة الأمور الجاهلية وأمور الإحداث تحتاج إلى شدة حتى تزول، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن المؤمن للمؤمن كاليدين يغسل بعضهما بعضا، وأحيانا بعض الوسخ يحتاج إلى خشونة يحتاج إلى خشونة حتى يخرج، يعلق، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يشدد في الأشياء التي تعلق في النفوس، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي في السنن: « من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا »1 يعني هذا إنكار شديد أن تقول: عض بهن أبيك، لكن لا بد من هذا، حتى تزول هذه العوالق التي دائما تبقى في الناس.
لكن يلحظ هنا فائدة ؛أن ابن مسعود كان له ولاية، كان له حق الإنكار باليد، انتبهوا يا إخوان، ابن مسعود كان هو والي الكوفة، له الحق أن يحصبهم بالحصى، أما تأتي أنت الآن تحصبهم بالحصى، ما لك حق تنكر عليهم باليد هكذا، إلا إذا كان فعلك ما يترتب عليه فتنة وتحملت ما يأتيك، هانت نفسك عندك في ذات الله، ولكن لا تبدأ بهذا حتى تنكر عليهم باللسان، فإذا رفضوا وأردت أن تنكر عليهم باليد وضربوك أو فعلوا بك شيئا أنت أخذت بالعزيمة، بسي بشرط أن لا يكون ينبني على فعلك فتنة للناس. كما فعل ابن مسعود نفسه، لما كان مستضعفا، الآن هو صاحب ولاية، لكن لما كان مستضعفا في مكة قال: والله لأسمعن قريشا القرآن وإن رغمت أنوفهم، فأخذ يسمعهم القرآن فضربوه حتى أدموه، هذا هانت نفسه عنده في ذات الله، لكن هنا كان له ولاية فحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد، مع إنهم كانوا يسبحون ويهللون، لكن يدري أن هذا يجر أمرا عظيما يهدم الدين، ما يهدم الدين مثل البدع والمحدثات.
وانظروا إلى القاعدة: لقد أحدثتم بدعة ظلما أو فضلتم أصحاب محمد علما. هذه يجعلها الإنسان دائما مع هذه القاعدة. أي محدث في أمر الدين؛ في العبادة يقول: إما أنك أفضل من أصحاب محمد إذا كان ما فعلوها، أو أحدثت بدعة ظلما، نعم.
1 : أحمد (5/136).
|