حدثنا أسد قال: حدثنا حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة أن ابن مسعود قال: عليكم بالعلم قبل أن يقبض، وقبضه ذهاب أهله، عليكم بالعلم فإن أحدكم لا يدري متى يفتقر إليه، أو يفتقر إلى ما عنده، وستجدون أقواما يزعمون أنهم يدعون إلى كتاب الله، وقد نبذوه وراء ظهورهم، عليكم بالعلم، وإياكم والتبدع والتنطع والتعلق وعليكم بالعتيق.
الله أكبر، هذا أثر عظيم أثر عظيم، نصح أبو عبد الرحمن فأبلغ في النصيح، عليكم بالعلم، العلم هو الوحي كما قال الله لنبيه: ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ﴾1 ... اللي جاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - إلا الوحي نزل به الروح الأمين على قلبه، والقرآن والسنة كلها وحي عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبضه ذهاب أهله، قبض العلم ذهاب أهله إن الله لا ينزع العلم انتزاعا، يموت الشيخ عبد العزيز بن باز مثلا وفي قلبه علم عظيم جاء خلال تسعين سنة، ثم يدفن علمه معه، ثم يموت الآخر، ويدفن علمه معه، ويدفن الثالث ويدفن، هكذا ذهب العلم، ولا يزال الناس بخير كما قال: سلمان: ما بقي الأول حتى يتعلم منه الآخر، فإذا ذهب الأول والآخر ما تعلم منه هنا هلك الناس، ولذلك سأل رجل ابن عباس كيف يذهب العلم؟ فسكت ابن عباس، فلما جاء دفن زيد بن ثابت قال: أين السائل هكذا يذهب العلم، هذا زيد ذهب وعلمه كله معه.
فعليكم بالعلم قبل أن يذهب، يذهب العلماء الراسخون أهل الوحي أهل بالتحقيق أهل الفهم يذهبون، ثم تجدون ما تجدون أحدا، كما قال: بعض السلف يوشك أن الرجل يسمم راحلته حتى تعقد من الشحم، ثم يطوف في الأمصار يبحث عن من يفتيه بالأثر، عن من يفتيه بسنة ماضية، قد أفتى بها الصحابة والتابعون فلا يجد إلا الظن يفتونك بالظن، نظن ويظهر لنا والظاهر والرأي والقياس فقط، يقول: حتى تعود راحلته نقظا يذهب شحمها ما يجد أحدا.
وهذا أوشك في الزمان هذا أن يأتي يذهب أهل الآثار وأهل السنن وأهل العلم، ويبقى أهل الرأي، تجد في فتاواه وفي علمه يجلس بالسنين ما تسمع منه آية أو حديث أو اعتماد على الوحي وإنما يذكر هذا من باب التطعيم فقط، وأن الأصل هو الرأي والقياس انتبهوا، خذوا العلم، يقال: عليكم بالعلم فإن أحدكم لا يدري متى يفتقر إليه، نحن الآن صغار قوم ويوشك أن نكون كبارا يذهب العلماء، ثم تبحث أمة فتجد هذا أكثر واحد عنده معلومات، فيفتقر إليه ويفتقر إلى ما عنده فتفقهوا قبل أن تسودوا. كما قال عمر ورواه البخاري.
ما دمت الآن في عافية لم تفت بفتوى ولم يحتاج الناس إليك، استغل هذا الوقت واعلم أنه أعظم ما تنفع به أمة محمد أن تطلب العلم الآن، قبل أن تسود، فإن أحدكم لا يدري متى يفتقر إليه، لما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء ابن عباس إلى، وكان ابن عباس عمره ثلاث عشرة سنة، جاء إلى صاحبه الأنصاري قال: هلم نطلب العلم فقال: عجبا لك ابن عباس تظن الناس سيحتاجونك وفيهم أبو بكر وعمر ومعاذ وأبي وفلان وفلان، فلما رآه رفض تركه، فأخذ ابن عباس يطلب العلم مات أبو بكر احتاجوا لمن بعده، مات عمر، مات معاذ، مات أبي، مات فلان، مات فلان، من بقي ابن عباس احتاجوا إلى ما عنده فجاء الأنصاري ورأى ابن عباس والأمة كلها عليه يكتبون من المشرق والمغرب والناس سلم لابن عباس فقال هذا والله كان أعقل مني
1 : سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:145
|