حَدَّثَنا أَسَدٌ قَالَ: حَدَّثَنا أَصْحابُنَا قَالَ: كانَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِي يقول: ما ازْدَادَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ اجْتِهَاداً إلاّ ازْدَادَ مِنَ اللهِ بُعداً، قَالَ أَسَدٌ: وحَدَّثَنا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ هِشَام بنِ حَسَّانٍ قال: لا يَقْبَلُ الله مِنْ صَاحِبِ بِدْعَةٍ صِيَاماً، ولا صَلاةً، ولا زَكَاةً، ولا حَجّاً، ولا جِهَاداً، ولا عُمْرةً، ولا صَدَقةً، ولا عِتْقاً، ولا صَرْفاً، ولا عَدْلاً. .
نعم وهذا سبق بيان وجهه ونقف عنده الليلة.
سبق بيان وجه وهو، ذكرنا أربعة أوجه.
الوجه الأول: أن تكون هذه النصوص الوعيد فتترك لا تفسر، يقال: لا يقبل من صاحب بدعة صلاة ولا صياما إلى آخره، وتترك كطريقة السلف في نصوص الوعيد ...... حتى تكون أوقع في النفوس.
والثانية: أن المعنى أنه وإن صلى وصام تبرأ العهدة وتبرأ ذمته من حيث الصلاة، لكنه لا يؤجر عليها؛ لأنه أتى بمقتضى الأجر وهو العمل، وقام مانع أعظم من المقتضي وهو البدعة، فيكون يصلي ويحج ويصوم تبرأ الذمة، تسقط عنه، أما أن يؤجر عليها، يأتي يوم القيامة ما له حسنات، نسأل الله العافية. إذا كان المفلس الذي اعتدى على حرمة الخلق يأتي يوم القيامة والناس يأخذون حسناته، فكيف اللي بيعتدي على حرمة الدين وأحدث فيه.
والثالثة: أن تكون بدعة مكفرة، وهذا يمكن لا يقصدونه؛ لأنهم يقصدون صاحب بدعة ينسب إلى الإسلام.
والرابعة: أن يكون أحدث في نفس الصلاة أو في نفس العمرة أو في نفس الحج، وشرط قبول العمل الإخلاص والمتابعة، إذا كان العمل ليس على السنة لا يقبل.
هذه الأوجه في هذا الأثر وما جاء في معناه.
والنبي عليه الصلاة والسلام قال عن المدينة في صحيح مسلم: « من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا »1 .
هذا مثل هذا.
الحدث الذي يقصده النبي صلى الله عليه وسلم إما الحدث الفسق بأن يقتل فيها أو يهتك حرمة الحرم، أو الحدث البدعة، والبدعة أشد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا »2 هذا شاهد لهذه الآثار وصحتها.
نعم، نأخذ بعض الأسئلة ونقف عند العاشرة والربع كما هو العادة. نعم.
أحسن الله إليك، كثير من الأسئلة تسأل عن أثر رياح النخعي أنه نقل عن ابن مسعود أنه كان يخطبنا كل خميس.
نعم ثبت أنها هذه الليلة.
كيف نوفق بينه وبين هذا الحديث ؟
نعم نحن قلنا ......... ما كان يقص بالبدع كما سمعتم ......... كل خميس: إن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي رسول الله، والأمر الآخر إنه عرف إن التخول بالموعظة أنهم يجتمعون في هذا قد يكون يوم الخميس يجتمعون فيه، أو أن يشتهون الكلام فيه أو أن يكون يقرأ اللي عليه فيتخولهم بهذا، لا يقصد أن يرتب شيئا معينا. نعم.
أحسن الله إليك، يريد أخ أشرطة أو كتبا تفيد عن كيفية قراءة القرآن وفهمه وتدبره وحفظه.
والله كتب السلف، كتب السلف مثل ما قرأنا قبل قليل بعض الآثار في كتاب الذكر للطرطوسي وما ذكره أيضا ابن وضاح، وطريقة السلف، طريقة السلف تؤخذ من قراءة سيرهم وقراءة السنن الكتب الستة، تعرف كيف كانوا يقرءون، وأما الشيء المفرد ما أذكر عن الشيء المفرد في هذا إلا ما ذكر في كتب السنن والنهي عن البدع. نعم.
أحسن الله إليك، يقول: يا شيخ بحكم وظيفتي لا أستطيع أن أجتمع لطلب العلم، بل نتذاكر آيات من القرآن أو في شيء من العلم في بيوتنا لعدم وجود الوقت.
نعم ذكرنا قبل قليل هناك فرق بين الخاص وبين السر، إذا كان هم لهم سبب إنهم يقرءون في البيوت، ولكن ليس عندهم سر دون العامة، ولا يختصون بهذا دون العامة فإنهم بشرط أن يكون يقرءون على، يسمعون مثلا أشرطة ابن باز وابن عثيمين في الكتب، يكون عندهم عالم يخشى أن يخطئ الذي يدرسهم وهم في البيوت من يبين خطأه وكيف، تنشأ البدع هكذا، إذا هناك مثلا الشيخ ابن باز وابن عثيمين في شرح الكتب وفي البيوت ...... الأمر لا يكون سرا متناجيا من دون العامة وبينا هذا في أوله. نعم.
أحسن الله إليكم، يقول: ورد في كتاب " معرفة قواعد البدع " أن المداومة على قراءة سورة السجدة في فجر الجمعة والإنسان يفضي إلى البدعة، ما توجيهكم؟
صحيح، هذا صحيح، بس يفعل من الاقتداء به. المداومة على السنة حتى تنقله من كونه سنة إلى واجب هذا خطر، واضح؟
هي سنة، فإذا خشي من هذه السنة أن يعتقد الناس أنها واجب هنا يتوقف الإنسان. إمام المسجد إذا كان طوال السنة يقرأ السجدة والإنسان في الفجر بحيث إن العامة قد ينشأ عندهم أنها واجب، فهنا يتوقف، كما فعل عمر على المنبر قرأ سجدة ونزل وسجد ثم لما تهيأ إلى السجود المرة الثانية لم يسجد؛ قال: إن الله لم يفرضها علينا إلا ما شاء.
أبو بكر وعمر تركوا الأضحية مع أن الأضحية أعظم شيء لماذا؟
قالوا: نخشى أن الناس يظنون أنها واجب، وتركها ابن عباس، كان يذبح كل يوم، لما جاء يوم النحر ما ذبح مع عظم ما ورد فيه من الأحاديث؛ لأنهم ينظروا إليه ويقتدى به حتى يتناقل الناس أن ابن عباس ما ضحى، فهي إذا ليست واجبة. واضح هذا؟
فإذا خشي على الناس أن السنة تنتقل إلى واجب يفعل؛ الآن فيه شيء، الآن مثلا صيام الست من شوال سنة عظيمة، لكن الآن مداومة الناس مثلا في بعض البلدان، مداومة الناس عليها كلهم مثلا بحيث لو ما صام أحد ينكر عليه، أو اقتربت من كونها واجب، أو أن الصغير ينشأ ويظن أن الواجب عليه رمضان وست من شوال، يقول بعض أهل العلم: ويفطر شوال كله حتى يدري الصغار والكبار أنها سنة وليست واجبة، هذا ملمحهم ومقصدهم هنا.
أما إذا ما خشي هذه الفتنة ... السنن وخاصة المنظور إليه المقتدى به، كما فعل الشيخ رحمه الله ابن عثيمين لما توفي أمر أن يكتب على بيته إنه لا يفتح الباب ولا يستقبل التعزية خلاص انتشر في الناس أن هذا فعل الشيخ أحيا شيء.
أحسن الله إليكم، يقول: بعض الناس يضعوا القرآن أو الأذان نغمات للجوال؟
هذا ليس من تعظيم شعائر الله يا إخوان، وضع القرآن أو الأذان في الجوال أو في السنترالات ليس من تعظيم شعائر الله.
أولا- قد تنساه ويؤذن وأنت في مكان نجس وهذا خطأ، وأيضا إذا أذن ثم تقطع حتى ترد، يقول الله تقطع، إذا جاءت آية تقطع، هذا ليس من تعظيم شعائر الله، هذا استهانة بالقرآن؛ فالقرآن لم يوضع وينزل حتى نضعه نغمات جوال ولا في سنترال ولا نفعل به هكذا ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾3 من تقوى القلوب، حتى مر أثر مالك اللي سأله عن القراءة في الطرقات، قال: إن كان شيئا يسيرا أو مراجعة لا بأس، أما إن يجعله ديدنه يتفرج هنا وهنا ويقرأ؟!
القرآن يحتاج إلى أن نعطيه جد، ﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ﴾4 .
فأنا أنصح الإخوان لا يفعلونه، ولا يكون وجود الفسق في المعازف في الجوال أن نذهب إلى أمر آخر وأن نضع قرآن أو أذان.
وكذلك أيضا من التطريب، التطريب في الأذان أيضا هذا محذور، أن الإنسان يؤذن الأذان السمح؛ يقول عمر بن عبد العزيز لما أذن المؤذن وأخذ يطرب، يعني انظر طريقة الآن التي حدثت للمسلمين بتقليدهم الأعاجم التطريب هذا والتطويل هذا، فقال عمر: أذن أذانا سمحا وإلا اعتزلنا.
وابن عمر سمع أيضا رجلا يطرب في الآذان فقال: لو سمعك عمر بن الخطاب لفك لحييك. فلا بد من اتباع السنن وعدم التكلف، العرب ما كانت تعرف التكلف ولذلك نفع فيهم الدين، يأخذون الأمر السمح ويهتمون بالمعاني لا يهتمون بالصور. نعم.
أحسن الله إليك، يقول: إذا ألقى شخص كلمة بعد الصلاة ثم دعا ورفع الناس أيديهم فهل في ذلك شيء؟
والله ما هذا محدث، إلا إذا أتى بدليل أن الصحابة كانوا يفعلونه، إذا كان مثلا يرفعون أيدهم في خطبة جمعة أو في كلمة بعد الصلاة ما ثبت إلا في الاستسقاء فقط، يأتي بالدليل أو يلتزم السنة. نعم.
أحسن الله إليك، يقول: أثر عن سعيد بن المسيب أنه صلى الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة، وعن كثير من التابعين أنه كان يغشى عليهم في القرآن، وعن شيء ... ... يدخل الجنة الغفيرة، ففعلوا أفعالا ما فعلها الصحابة، فكيف يكون هذا؟
أحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم إذا ثبت أن أكثر القصص ليست - لا تثبت أن فلان سعيد وغيره يصلي الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة، هذا يعني يحتاج إلى إثبات عظيم دون خلط ...، ثم إذا ثبت فأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم؛ كان ينام يقول عليه الصلاة والسلام: أما أنا، يقول عليه الصلاة والسلام: « أما أنا فأقوم وأنام فمن رغب عن سنتي فليس مني »5 .
وكذلك اللي يغشى عليه هذا أحد أمرين: إما أن فيه ضعف هو، فيه ضعف في نفسه فلا يتحمل فيكون هذا نقول: ضعيف، ما نقول هذه سنة وحسنة، نقول: هذا ضعيف فيه مرض مثلا، ضعيف، وإما نقول: يكذب كما قال ابن سيرين يقول: الآية بين يديه نضعه على الحائط ونقرأ عليه فإذا غشي عليه سقط من الحيط تبين أنه صادق، وإذا كان واقفا ما سقط من الحيط تبين أنه يتصنع، قد يحصل هذا.
الصحابة رضي الله عنهم أكمل الناس علوما وأشدهم ثباتا، كل هذا الخشوع ما ...... الخارج يردوه للداخل إلى القلوب، والنبي عليه الصلاة والسلام كان من عظم خشوعه يرده للداخل فيسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل، هذا اللي ... الناس، أما كون اللي يصرع واللي يغشى واللي يتمايل واللي يصيح ولّا هذا، هذا ما كان عند الصحابة، من عظم علومهم وقوة ثباتهم، إلا ما غلب عليه الإنسان مثل عمر رضي الله عنه لما قرأ: ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾6 وسمع نشيجه من وراء الصفوف، غلب عليه، ما كان يتكلف وحاشاه أبو حفص رضي الله عنه وأرضاه. نعم.
يقول: هل ...... أثر عائشة في نصيحتها للرجل بعدم السجع في الدعاء؟
أيش يريد؟
أثر عائشة.
نعم نحن ذكرنا بالأمس بعض الإخوة يريدها، من يريدها ستكون عند الأخ، أوصته بثلاث قالت: أيها القاص ثلاثة، إما أن تتابعني عليها أو أناجزك إلى الأمير، قال: أتابعك يا أم المؤمنين، قالت: الأولى إياك والسجع في الدعاء، إياك والسجع في الدعاء؛ بمعنى تتكلف السجع في الدعاء، وإنما عليك بالأدعية المأثورة.
والثانية قالت: لا تمل الناس، لا تهمهم كل شوية واقف عندهم وتجبرهم، هذا يملهم، حتى خلاف مقصود الوعظ، الوعظ إنما يشتهى ويتخول حتى يقع في القلوب، أما كل شوية تقوم كل شوية تقوم، قالت: ...... في الجمعة يعني في الأسبوع مرة أو مرتين تذكر الناس.
والثالثة: أنها قالت له، هي قالت له: ولا تقاطعهم، لا تأتيهم في حديث من حديثي وتسكتهم وتعظهم، وإنما إن حضرت فحدثهم وإن سكتوا أنصت، كما قلنا هذا يكثر في الأعراس، وهذا هو الموجود في البخاري وصية ابن عباس لعكرمة نفس هذا الكلام وأمثاله.
يسأل ما اسم الكتاب الذي قرأت منه؟
اللي قرأت منه للطرطوسي، الحوادث والبدع لأبي بكر الطرطوسي من علماء الأندلس، لكنه هو المتوفى في خمسمية وثلاثين، هذا الكتاب يكمل كتاب ابن وضاح.
أحسن الله إليك، السؤال الأخير عن التكبير الجماعي عند الفرح أو عند مناسبة معينة، التكبير الجماعي ؟
التكبير الجماعي، أحسن الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، دائما هذا الجواب أحسن الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما التسبيح الفردي بعض الناس يقول: هل أسبح مائة وأنا لوحدي أو أحمد مائة؟
نقول: ما ورد فيه التعداد، مثل سبحان الله وبحمده مائة مرة هذا أحسن، وإذا كنت لوحدك ما فيه محذور، المحذور هو الاجتماع ...... لغير ....... وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فقد أثنى الله عز وجل في هذه الآيات العظيمة في آخر سورة الفرقان على عباد الرحمن أصحاب الغرفة، نسأل الله من فضله، والغرفة أيها الإخوة هي أعلى الجنة، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: « إن أصحاب الجنة ليتراءون أهل الغرف كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب »7 يعني كما يقف الإنسان على سطح الأرض وينظر في أبعد نجم أو أبعد كوكب، فكذلك أهل الجنة يتراءون أهل الغرف هكذا « فقال الصحابة: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال: بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين »8 نسأل الله من فضله، إيمان خاص بتصديق خاص.
ذكر الله عز وجل بعض صفاتهم الحسنة الجميلة في هذه الآيات وبدأ بذكر أول شيء أضافهم إلى نفسه أنهم عباده.
والأمر الثاني: أضافهم إلى صفة الرحمة وأنهم ما نالوا هذه المراتب العالية إلا برحمة أرحم الراحمين سبحانه وتعالى له المن وله الفضل في كل شيء؛ إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ يقولون: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾9 .
فمن صفاتهم الحسنة التواضع للخلق، يمشون على الأرض هونا ليس تماوج وتضاعف كما يفعل الدراويش المبتدعة، وليس كبرا كما يفعل الجبارين وإنما يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، يصبرون لا بد من الصبر كما فعل الأنبياء.
ومن صفاتهم الحسنة المداومة على العبادة حتى يعطيهم الله النور الذي يمشون به، يعطيهم الله البصيرة يبيتون لربهم سجدا وقياما.
ومن صفاتهم الحسنة التوسط في كل شيء حتى في الإنفاق ﴿ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا ﴾10 أعطاهم الله الوسط.
ومن صفاتهم الجميلة البعد عن الذنوب ورءوسها ثلاثة: الشرك وهو تعدي حقوق الله، والقتل تعد على حقوق الآخرين والبغي عليهم، قتل النفس بغير حق سواء نفس المؤمن أو الكافر الذي لم يؤمر الإنسان بقتله، والأصل في الناس العصمة إلا الكافر المحارب لله ورسوله يرد دين الله عز وجل، أو المرتد، والثالث الفواحش وهي ذكر رأسها وهو الزنا.
وجمع الله عز وجل في آية أخرى ﴿ وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ﴾11 فهؤلاء لا يفعلون هذه المنكرات العظيمة، وإذا حصل منهم مسيء يتوبون إلى الله عز وجل، وذكر الله أيضا من صفاتهم أنهم لا يشهدون الزور لا يحضرون مجالس الزور، وأعظم الزور مجالس البدع مجالس الشبهات، مجالس الشهوات سواء مجالس حقيقية، أو مجالس اقترابية مثل القنوات الفضائية، ومواقع الإنترنت التي فيها الزور، هذه لا يشهدونا ولا يحضرونها ولا يدخلون عليها، هؤلاء أصحاب الغرفة مقامهم عالي لا بد أيضا أن تكون أيضا أعمالهم عالية ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾12 إذا حصل إنهم يمر في طريقهم لغو يمرون مرور الكرام، اللغو فيما لا ينفعك في دينك ولا دنياك، لغو، مروا كراما.
ثم لما ذكر الله أنهم يتواضعون للخلق ذكر أنهم يتواضعون للحق، ليس عندهم كبر على الحق فقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ﴾13 ليسوا من شر الدواب عند الله الذين هم الصم البكم الذين لا يعقلون، هؤلاء أعطاهم الله الانقياد والاستسلام والمسارعة، إذا ذكر فقط بين له الحلال من الحرام السنة من البدعة، الشرك من الإيمان، ينقاد بسرعة لا يستعصي، المؤمن مثل الجمل الألف اللي له خطام إذا قدته إلى الحق ينقاد لك، والمنافق يستعصي.
هؤلاء من صفاتهم الحسنة أنه إذا ذكر وعرف تبين له وجه الأمر ما يتأخر ما يتردد، وكلما كان الإنسان أطهر قلبا كان أكثر مسارعة، ولذلك فلما كان الصديق أفضل هذه الأمة بعد نبينا كان أسرع الأمة إلى الإسلام ﴿ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن ﴾14 أيضا صالحين مصلحين وأقرب الناس لهم.
﴿ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾15 يقول السلف: نأتم بمن قبلنا ويأتم بنا من بعدنا، لسنا أئمة في الباطل لسنا نبتدع لأ، إنما هي سلسلة نأتم بمن قبلنا، ويأتي من بعدنا يأتم بنا، نسأل الله أن نكون كذلك كلنا، ﴿ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾15 نكون حلقات في هذه السلسلة المباركة على الصراط المستقيم، فهؤلاء يجزون الغرفة أعلى الجنة، أعلى الجنة « إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب »16 كلما وقفت على سطح الأرض ونظرت إلى النجوم ونظرت إلى أبعد نجم تتذكر أن أهل الجنة هكذا يرون أهل الغرف، وليسوا أنبياء فقط وإنما رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين.
فيا إخواني هذا هو العز، وهذا هو المنافسة، وهذا هو المسارعة في هذا الأمر، لو أنفق الإنسان حياته كلها ووقته كله في أن يسعى أن يكون من أهل الغرفات فإن هذا هو الواجب عليه، هذا هو عين العقل، نسأل الله أن نكون كذلك، فهي آيات عظيمة فيها هداية لمن تدبرها، تكلم عنها الشيخ ابن سعدي - رحمه الله - في تفسيره كلاما طيبا حسنا.
1 : البخاري : الفرائض (6755) , ومسلم : الحج (1370) , والترمذي : الولاء والهبة (2127) , والنسائي : القسامة (4734) , وأبو داود : المناسك (2034) , وأحمد (1/119). 2 : البخاري : الاعتصام بالكتاب والسنة (7300) , ومسلم : الحج (1370) , والترمذي : الولاء والهبة (2127) , وأبو داود : المناسك (2034) , وأحمد (1/81). 3 : سورة الحج (سورة رقم: 22)؛ آية رقم:32 4 : سورة مريم (سورة رقم: 19)؛ آية رقم:12 5 : مسلم : النكاح (1401) , والنسائي : النكاح (3217) , وأحمد (3/285). 6 : سورة يوسف (سورة رقم: 12)؛ آية رقم:86 7 : البخاري : الرقاق (6556) , ومسلم : الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2831) , وأحمد (5/340) , والدارمي : الرقاق (2830). 8 : البخاري : بدء الخلق (3256) , ومسلم : الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2831). 9 : سورة الأعراف (سورة رقم: 7)؛ آية رقم:43 10 : سورة الفرقان (سورة رقم: 25)؛ آية رقم:67 11 : سورة النحل (سورة رقم: 16)؛ آية رقم:90 12 : سورة الفرقان (سورة رقم: 25)؛ آية رقم:72 13 : سورة الفرقان (سورة رقم: 25)؛ آية رقم:73 14 : سورة الفرقان (سورة رقم: 25)؛ آية رقم:73 - 74 15 : سورة الفرقان (سورة رقم: 25)؛ آية رقم:74 16 : البخاري : الرقاق (6556) , ومسلم : الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2831) , وأحمد (5/340) , والدارمي : الرقاق (2830).
|