حَدَّثَني أَسَدٌ قالَ: حَدَّثَنا سَعِيدُ بنُ زَيْدٍ قالَ: سُئِلَ عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ أنا أَسْمَعُ قِيل: يا أبا بَكْرٍ! أرأيْتَ قَولَهَ تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾1 قال: حَدَّثَنا أَبُو وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: خَطَّ عَبْدُ الله خَطّاً مُستقيماً وخَطَّ خُطوطاً عن يَمينِهِ وخُطُوطاً عن شِمَالِهِ فقالَ: « خَطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا، فقالَ للخَطِّ المستقيم: "هذا سَبِيلُ الله" وللخُطُوطِ الَّتي عَنْ يَمينِهِ وشِمَالِهِ: "هذه سُبُلٌ مُتَفَرِّقةٌ، على كُلِّ سَبيلٍ منها شَيْطانٌ يَدْعُو إليهِ، والسَّبيلُ مُشْتَرَكٌ" »2 كما قالَ اللهُ تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾3 .
نعم، فوائد وكلام عظيم، عاصم ابن بهدلة هو نفسه عاصم بن أبي النجود، أبو النجود أبوه وبهدلة أمه، مرة ينسب لأبيه ومرة ينسب لأمه، وهو إمام في القراءة، وأما في الحديث فإن عنده في حفظه شيء، وهذا أثر محفوظ ومعروف. سألوه عن تفسير قول الله عز وجل: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾1 فذكر هذا.
معنى هذه الآية ﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ﴾1 مثل ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾4 هذا الفائدة الأولى، ﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ﴾1 مثلها ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾4 ومثلها ﴿ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴾5 ومثلها ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾6 وهذه ﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ ﴾1 فيه طرق جائرة، وقصد السبيل على الله عز وجل، من أراد الله فإنه على قصد السبيل يدله على الخير، هذا معناه.
ثم خط عبد الله الخط المستقيم وخط خطوطا يمينه وخطوطا شماله وقال أن النبي عليه الصلاة والسلام ... الخط ثم قال للمستقيم هذا سبيل الله هذا الصراط المستقيم، واحد ما عندنا إلا صراط واحد، ما عندنا إلا جماعة واحدة جماعة المسلمين ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾7 ما عندنا إلا حزب واحد هم حزب الله هم الغالبون، فمن أراد طرقا كثيرة ما فيه إلا طريق واحد الباقي كلها باطلة، وخط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال: هذه سبل متفرقة على كل سبيل منها شيطان إنسي أو جني، إما إنسي قد يأتيك رجل كما قال السبيل مشترك، اشمعنا السبيل مشترك، مشترك هنا من الشرك يعني الطرق هذه فيها خطر مفخخة مشتركة، كما جاء في رواية الآجري أنه قال: السبيل محتضر تحضره الشياطين، هذا معناه السبيل مشترك يعني السبيل محتضر تحضره الشياطين على كل سبيل شيطان، إما من الرجال وإما من الجن وإما من اليهود، شياطين يدعوه يقولون هلم يا عبد الله هذا صراط الله، فيقول: فتمسكوا بحبل الله فإنه هو كتاب الله، ثم قال الله عز وجل: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾3 نعم.
1 : سورة النحل (سورة رقم: 16)؛ آية رقم:9 2 : أحمد (1/435). 3 : سورة الأنعام (سورة رقم: 6)؛ آية رقم:153 4 : سورة الليل (سورة رقم: 92)؛ آية رقم:12 5 : سورة الحجر (سورة رقم: 15)؛ آية رقم:41 6 : سورة هود (سورة رقم: 11)؛ آية رقم:56 7 : سورة المائدة (سورة رقم: 5)؛ آية رقم:56
|