حدثني محمد بن وضاح قال: حدثنا أبو الطاهر، عن يحيى بن سليم، عن الحجاج بن فرافصة قال: بلغني أن رجلا مر بسلمان فسلم عليه، فلم ير الرجل من سلمان تلك البشاشة فقال: كأنك لم تعرفني يا أبا عبد الله. فقال: بل قد عرفتك ورسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي يَسْمَعُ كَلامَهُما - فَلَمَّا ذَهَبَ الرَّجُلُ انحرفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا سلمان أما علمت أن الأرواح أجناد مجندة تتلاقى في الهواء، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، فإذا ظهر العلم وخزن العمل - خزن بدون شدة خزن العمل - فإذا ظهر العلم وخزن العمل وتلاقت الألسن، وتضاربت القلوب، وتقطعت الأرحام، فعند ذلك لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم.
نعم، وهذا الحديث بعضه في الصحيحين وهو قوله: « إن الأرواح أجناد مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف »1 وبقيته ليست في الصحيحين وليس فيها نكارة، يقول: إن رجلا سلم على سلمان، ورد سلمان عليه السلام، لكن ما رأى منه تلك البشاشة. فقال الرجل: كأنك ما عرفتني يا سلمان؟ قال: بلى عرفتك لكن روحه ما ائتلفت مع روحه، يعني الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، فهو ما أحس بانجذاب للشخص أو عطاه حق الإسلام رد عليه السلام لكن ما أعطاه البشاشة، والصحابة رضي الله عنهم يا إخواني الصحابة غلبوا الناس كلهم في هذا الأمر في الصدق، الصدق التام، يعني لا يبطن خلاف ما يظهر ولا يظهر خلاف ما يبطن، وهذا اللي يغالبوا به الناس ما يعرفون النفاق إلى الأبد، ما تجد أحدا يبش لك وهو يبغضك بقلبه، وإنما ...يزال تلك القصة تبين المستوى العالي الذي وصلوا إليه، نصح سعد بن أبي وقاص عمار بن ياسر نصيحة، لما دخل عمار في بعض هذه الفتن أثناء علي رضي الله عنه، فسعد يقول: يا عمار لماذا فعلت كذا وكذا بعد الخير وبعد الصحبة؟ فالمقصود أن عمار قال: يا سعد لقد قلت لي كلاما أوجعني وإني أخيرك بين أمرين، إما مودة على دخن، يعني أعطيك حق الإسلام بس أخبرك من الآن أنها مودة غير صافية، يخبر حتى بما في قلبه بسب كلامكم بهذا، وإما هجر جميل مع حق الإسلام؟ فقال سعد: بل هجر جميل، المودة اللي على دخن ما أريدها، هجر جميل يعني حق الإسلام، حتى انتهت هذا الأمر، فانظر كيف الآن كم من المودات على دخن؟ إن لم نقل إن الأصل الآن في المودات على دخن إلا مودة السني لأخيه السني، لكن الصحابة ما يتسامحون يخبر ويقول ترى المودة التي ستراها مني تراها على دخن لأن في قلبي لك شيئا؟ المقصود أن هذا الرجل ما رأى من سلمان البشاشة لأن سلمان لن يعطيه بشاشة ليست في قلبه وإن كان يعطيه حق الإسلام، فقال: ما عرفتني؟ قال: بلى. فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم مشى الرجل قال النبي عليه الصلاة والسلام: « يا سلمان أما علمت أن الأرواح أجناد مجندة تتلاقى في الهواء الأرواح فما تعارف منها يعني ائتلف وما تناكر منها اختلف »2 ثم قال: « إذا ظهر العلم اختزن العمل »3 نسأل الله العافية والسلامة، كما جاء في آخر الزمان يرفع العلم ويظهر القلم، يعني يكثر الكتابة والكتب والبحوث وكذا لكن العلم الحقيقي يرفع، العلماء الذين يخشون الله ويتقونه ويعرفون ما بلغ الله ورسوله، وتلاقت الألسن وتباغضت القلوب وتقطعت الأرحام فعند ذلك لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم، وله شاهد بالنسبة لتقطع الأرحام في القرآن ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾4 نعم.
1 : مسلم : البر والصلة والآداب (2638) , وأبو داود : الأدب (4834) , وأحمد (2/527). 2 : مسلم : البر والصلة والآداب (2638) , وأبو داود : الأدب (4834) , وأحمد (2/527). 3 : 4 : سورة محمد (سورة رقم: 47)؛ آية رقم:22 - 23
|