ولتركبن سنن الأمم قبلكم حذو النار بالنار لا تخطئون طريقهم ولا يخطئكم حتى لو أنه كان فيمن كان قبلكم من الأمم أمة يأكلون العذرة ( العذرة ) العذرة رطبة أو يابسة لأكلتموها، ستفضلونهم - أحسن الله إليك - وستفضلونهم بثلاث خصال لم تكن فيمن كان قبلكم من الأمم: نبش القبور وسمنة النساء تسمن الجارية حتى تموت شحما وحتى يكتفي الرجال بالرجال دون النساء، والنساء بالنساء دون الرجال، ايم الله إنها لكائنة ولو قد كانت خسف بهم لرجموا كما فعل بقوم لوط، والله ما هو بالرأي ولكنه الحق اليقين.
نعم، ولكنه الحق اليقين هذا كلام حذيفة وصدق رضي الله عنه، ما هو بالرأي يعني ليس من عندي ولكنه الحق اليقين، فيقول: إنكم ستكونون مثل الأمم. كما ذكر ابن مسعود أيضا وحذيفة: أن بني إسرائيل لم يتركوا دينهم بين يوم وليلة وإنما كل يوم وكل شهر وكل سنة يتركون عروة من الدين، عروة من الدين، عروة من الدين، حتى ما بقي لهم شيء، ونحن على آثارهم: « لتسلكن سنن من كان قبلكم - كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم - حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى قال: فمن؟ »1 من الناس إلا هم، وفي رواية: فارس والروم؟ قال: فمن؟ قال: حتى إنه لو كان فيمن كان قبلكم من الأمم أمة تكون عذرت - يعني هذا الغائط أعزكم الله - رطبة أو يابسة لأكلتموه، بمعنى أنكم تقلدونهم في كل شيء، وابن مسعود يقول لو كان فيهم من يأتي أمه علانية لكان في هذه الأمة من يأتيها، يعني بمعنى أنه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لو دخلوا جحر ضب لفعلنا مثلهم، وألا ترون ما يفعلون هؤلاء الكفار أشياء منكرة وبشعة ثم يأتي من هذه الأمة من يقلدهم فيها، يتبعون سننهم حذو القذة بالقذة، ومعنى القذة بالقذة السهم يكون فيه هذه القذذ فلا يمكن أن تتخلف الثانية عن الأولى؛ لأنه سهم واحد بمعنى أنكم تتبعونهم تماما خلفهم على طريقهم، إلا من عصم الله بالعلم، فالمقصود أنهم لو فعلوا ما يستبشع وما يستخبث لفعلتموه. قال: وستفضلونهم بثلاث خصال لم تكن فيمن كان قبلكم: نبش القبور يعني قد يكون النبش ليس موجودا بالأمم السابقة، أو يكون حذيفة يقصد نبشا على هيئة معينة، يعني واقع لا أعرفه أنا، وسمنة النساء وسيتكرر الآن معنا تسمن الجارية حتى تموت شحما - يعني يتعمدون تسمين الجارية خاصة الصغيرة حتى تموت شحما - وهذا يبدو لهم فيه أمر ما أعرفه أنا، هل تسمن يعني هل مجرد التسمين للجارية يكرهه الصحابة؟ كما سيأتينا عن عائشة أنها كرهت ذلك ولم تدعو لها التي سمنت الجارية، أو أنهم يسمنون الجواري لفواحش أو لرقص أو لشيء المقصود أنه فيه شيئا سبب هذا الأمر. والثالث: حتى يكتفي الرجال بالرجال دون النساء - نسأل الله العافية - وهو هذه الفاحشة الخبيثة والنساء بالنساء دون الرجال، وهذا قد كان في قوم لوط لكنهم يقول: يكتفون يعني يأتي رجال يكتفي برجال ولا يلتفت للنساء، وهذا موجود في الأمم الكافرة ووجد من يقلده من أهل الإسلام - نسأل الله العافية والسلامة - وهذا لم تكن العرب تعرفه العرب لم تعرف هذا أبدا، وقال هشام بن عبد الملك هذا الخليفة يقول: " لولا أن الله قص في القرآن أن الرجل يأتي الرجل ما صدقت هذا يحصل " يعني هذا بعيد عن فطر العرب يعرفون الزنى لكن ما يعرفون هذه الفاحشة، لكنهم لما خالطوا الأمم الأخرى في الفتوح دخل عليهم هذا - نسأل الله العافية - وأصبح حتى يتفاخر به في الشعر وكذا عن المردان وعن الصبيان عن هذه الفواحش المنكرة العظيمة الخبيثة التي ما تتصف به أمة إلا تمحق وتمسخ، ولذلك قال حذيفة: وايم الله يحلف إنها لكائنة ولو كانت لخسف بهم ورجموا كما فعل بقوم لوط. كما قال تعالى في القرآن عن قوم لوط لما عذبهم قال: ﴿ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾2 والله ما هو بالرأي يقول حذيفة: اسمعوا مني لا تظنون أني آتي بشيء من رأسي لا تظنوا أنه فكر كما يسمون الناس: إن هذا الفكر يفكر، قال: هو الحق اليقين رضي الله عنه نعم.
1 : البخاري : الاعتصام بالكتاب والسنة (7320) , وابن ماجه : الفتن (3994) , وأحمد (2/327). 2 : سورة هود (سورة رقم: 11)؛ آية رقم:83
|