حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ سعيدٍ حَدَّثَنا أَسَدُ بنُ موسى قالَ: حَدَّثَنا عَوْنُ بنُ موسى قالَ: سَمِعْتُ هِلالَ بنَ خَبَّابٍ قالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بنَ جُبَيْرٍ قُلْتُ: يا أبا عبدِ الله متى عَلَمُ هَلاكِ النَّاسِ؟ قالَ: إذا هَلَكَ عُلَماؤُهم.
وصدق والله، هذا كلام سبق معنا كثيرا، يسألون سعيد بن جبير: متى يعلم هلاك الناس؟ قال: إذا هلك علماؤهم؟ إذا مات علماؤهم الصادقين الراسخين الربانيين فإن هذه بداية هلاك الناس؛ لأنهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: سيتخذون رءوسا جهالا ثم يسألون ولا يعرفون الآثار، ولا يعرفون السنة، ولا يعرفون القرآن، فيفتون في الدين بآرائهم وبما يستحسنون وبأهوائهم، فيضلون ويضلون، ويكون هذا بداية هلاك الناس، وهذا أمر مشاهد منذ أن مات علماؤنا الذين أدركنا الآن والناس في نزول لا في أمر دنياهم وتسارعهم على هذه الذنوب وعلى هذه الشبهات، يدري السائل إنها شبهات، وأنها ليست من الحلال البين لو كانت من الحلال البين ما حزت في صدره، ثم يسارعون في هذه المسارعة التي رأيتم ولا يفعلون، وأيضا الذين يفتون بهذه البنوك يفتون بهذه الشبهات المظلمة بعضها فوق بعض، أو في أمر الاستماع أو في أمر الإعلام أو في أمر القنوات أو في أمر يبدأ هلاك الناس من ذهاب العلماء، من ذهاب النور، من ذهاب خلفاء الأنبياء وورثة الأنبياء، فما يشك أحد أن هلاك هذه الأمة بهلاك علمائها، وأنهم هم أوتادها، وأنه أيضا له معنى آخر غير هلاك الموت إذا هلك علماؤهم بمعنى إذا كان علماؤهم ليسوا على سنة، ليسوا على ديانة، ليسوا على أثر، فإننا كما ذكرنا بالأمس في التاريخ الإسلامي كله، والله ما أضر المسلمين السلاطين أو المغنين أو الممثلين أو الفساق بقدر ما أضرهم المنتسبين للعلم والديانة والدعوة، من أنشأ في الناس البدع من حرف الناس عن السنن، من فرق الناس شيعا إلا المنتسبين لهذا العلم وليسوا من أهله، لو كان العلم دخل في قلوبهم ما فعلوا ذلك، فهلاك الناس بأمرين: بموت علمائهم الصادقين وبترأس الرؤساء الجهال الذين يكونوا هم سب هلاكهم، وسبق معنا ذلك نعم.
|