حَدَّثَنا أَسَدٌ قالَ: حَدَّثَنا عبدُ الرَّحمن بنِ مُحَمَّدٍ المُحَارِبيُّ عَنِ العَلاءِ بنِ المُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ الله بنِ عمرو بنِ مُرَّةَ عن سَالِمٍ الأَفْطَسِ، عن أبي عُبَيْدَةَ عن عبدِ الله بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: « إنَّ رَجُلاً من بني إسرائيل كانَ إذا رأى أَخَاهُ على الذَّنْبِ نَهَاهُ عنهُ تَعْذِيراً، فإذا كانَ مِنَ الغَدِ لم يَمْنَعْهُ ما رأى مِنْهُ أن يَكُونَ أَكِيلَهُ وَخَلِيطَهُ وشَرِيبَهُ، فَلَمّا رأى اللهُ ذلكَ منهم ضَرَبَ بقلوبِ بعضِهم على بعضٍ ولَعَنَهم على لسانِ نَبِيِّهم داودَ وعيسى بنِ مريمَ، ذلكَ بِمَا عَصَوا وكانوا يعتدون »1 قالَ: ثم قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: « والَّذِي نفسي بيده، لَتَأمُرُونَّ بالمعروفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، ولَتَأخُذُنَّ على يدي المُسِيءِ الظَّالِمِ ولَتَأطُرُنَّهُ على الحَقِّ أَطْراً، أو لَيَضْرِبَنَّ الله قلوبَ بعضكم على بعضٍ، ولَيَلعَنَنَّكُم كَمَا لَعَنَهُم »2 .
نعم وهذا آثار عظيمة وأحاديث عظيمة، أن النقص أول ما دخل على بني إسرائيل من هذا الباب، إنه ينهى تعذيرا يعني تحلة قسم يعني كأنه ما همه إقامة الدين وإنما هم أن ينكر هكذا تعذيرا، من باب يعني عذر فقط، ثم إذا كان الغد يراه على المنكر ويجلس معه ويأكل ويشرب - نسأل الله العافية - يعني ما عنده هم الدين وغيرة على الدين فضرب الله بقلوب بعضهم على بعض، جعلهم متشابهين في هذا الأمر كله ولعنهم جميعا، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: « والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد المسيء الظالم »3 قدر الاستطاعة، ما في واجب بالشرع إلا مقيد بالاستطاعة كما سيأتي في الآثار، فقدر الاستطاعة تأخذ على يد الظالم، أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض وليلعننكم كما لعنهم، وفي مسألة هنا ذكرها بعض أهل العلم وهي أن المنكر إذا فشا وعم وطم فإنه لا يجب عليك الإنكار الفردي على كل واحد، وإنما يجب عليك التعريف، مثاله النبي عليه الصلاة والسلام لما كان في مكة، كانت عبادة الأصنام عمت وطمت وكل أهل مكة على هذا الأمر، والكعبة حولها ثلاثمائة وستون صنما، فقام النبي عليه الصلاة والسلام وبين إنكاره العام على هذا الأمر حتى عرف بأن النبي صلى الله عليه وسلم يبغض هذا الشيء وينكره، ولكنه لم يذهب إلى كل واحد في مكة وينكر عليه، أو كل من رآه عند الصنم مسكه وأنكر عليه وإنما عرف منه الإنكار العام لأن هذا أمرا ليس فرديا خفيا وإنما أمر عام شائع وله قرائن أخرى، فقال بعض أهل العلم: إن المنكر إذا عم وطم وفشا لا يلزمك أن كل واحد تراه الآن مثلا وأنت تمشي لو كان كل واحد تراه يلزمك - أنا لا أقول ألا تفعل افعل هذا الأكمل - لكن يلزمك أنك تقف وتقول: يا أخي أن تحلق لحيتك، ثم تمشي خطوتين تجد الآخر يلزمك إنك تقول: لا تحلق لحيتك، والثالث والرابع والعاشر والمائة والألف ما تستطيع هكذا، وإنما يلزمك التعريف العام أنهم يعرفون ممكن إنك تظهر هذا الشيء وتنكره بالكلية، ولا يلزمك الإفراد، أما إذا كان منكرا ليس عاما يلزمك أنك تبين للناس، تبين لصاحب المنكر أن هذا منكر نعم.
1 : الترمذي : تفسير القرآن (3048) , وأبو داود : الملاحم (4336) , وابن ماجه : الفتن (4006). 2 : الترمذي : تفسير القرآن (3047) , وأبو داود : الملاحم (4336) , وابن ماجه : الفتن (4006). 3 : أبو داود : الملاحم (4336).
|